Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 33-33)

Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ } الآية . المعنى : أن / ( قد ) في هذا وشبهه تأتي لتأكيد الشيء وإيجابه وتصديقه ، و ( نعلم ) بمعنى : " علمنا " . والتقدير : قد نعلم - يا محمد - إنه ليحزنك قولهم إنك كاذب ، وإنك ساحر . { فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ } جهلاً منهم بصدقك ، بل أنت - فيما يسرون - صادق ، ولكنهم حسدوك فكذبوك ، وهم يعلمون أنهم ظالمون لك ، وأنك صادق ، هذا على قراءة من قرأ بالتشديد . قال أبو عمرو : وتصديقها { وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ فَصَبَرُواْ عَلَىٰ مَا كُذِّبُواْ } [ الأنعام : 34 ] . ومعنى قراءة التخفيف - عند الفراء والكسائي - : هو من قولهم : " أكذبت الرجل " ، إذا أخبرت أنه كاذب فيما قال فقط . و " كذّبته " : إذا أخبرت أنه كاذب في كل ما يأتي به . وحكى أبو عبيدة : " أكذبت الرجل " إذا أخبرت أنه جاء بالكذب ، و " كذّبته " إذا أخبرت أنه كاذب . وروي أن أبا جهل قال للنبي : إنا لا نكذبك ، ولكن نكذب ما جئت به ، فأنزل الله { فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ } . ومعنى التشديد - عند غير هؤلاء - فإنهم لا ينسبونك إلى الكذب . ومعنى التخفيف فإنهم لا يجدونك كاذباً ، كما يقال : " أحمدت الرجل " ، إذا أصبته محموداً . ويكون معنى التخفيف ( أيضاً ) : لا يبيِّنون عليك أنك كاذب ، يقال : " أكذبته " ، إذا احتججت عليه وبيّنت ( أنه كاذب ) ، وقال قطرب : " أكذبت الرجل " : دللت على كذبه . وروي " أن جبريل عليه السلام أتى رسول الله يوماً وهو جالس حزين ، فقال له : ما يُحزنك ؟ ، فقال : كذّبني هؤلاء . فقال له جبريل : { فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ } هم يعلمون أنك صادق ، { وَلَـٰكِنَّ ٱلظَّٰلِمِينَ بِآيَاتِ ٱللَّهِ يَجْحَدُونَ } " . ويروى أن الأخنس بن شريق الثقفي مر بأبي جهل ( بن هشام ) يوم بدر ، فقال له : يا أبا الحكم ، أخبرني عن محمد ، ( أصادق ) هو أم كاذب ؟ فأنه ليس هنا من قريش غيري وغيرك يسمع كلامنا ؟ ! ، فقال أبو جهل : ويحك ، والله إن محمداً لصادق ، وما كذب محمد قط ، ولكن إذا ذهبت بنو قصي باللواء والحجابة والسقاية والنبؤة ، فما يكون لسائِر قريش ؟ فذلك قوله : { فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ } أي : عن يقين . وقيل معناه : فإنهم لا يكذبونك ولكن يكذبون ما جئت به ، ( وروي أن أبا جهل قال للنبي صلى الله عليه وسلم : ما نتهمك ، ولكن نتهم الذي جئت به ) .