Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 62, Ayat: 1-11)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
/ قوله تعالى : { يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ } ، إلى آخر السورة . أي : يصلي ويسجد لله ما في السماوات السبع وما في الأرض من الخلق طوعاً وكرهاً . و " يسبح " للحال . وقوله : { ٱلْمَلِكِ ٱلْقُدُّوسِ } . أي : الذي له ملك كل شيء ، [ الطاهر ] من كل ما يضيفه إليه المشركون . { ٱلْعَزِيزِ ٱلْحَكِيمِ } . أي : الشديد في انتقامه من أعدائه ، الحكيم في تدبيره خَلْقَه . - ثم قال تعالى : { هُوَ ٱلَّذِي بَعَثَ فِي ٱلأُمِّيِّينَ رَسُولاً ( مِّنْهُمْ ) } . أي : الله الذي بعث في العرب - [ الذين ] لا كتاب عندهم من عند الله - رسولاً منهم ، يعني [ محمداً ] صلى الله عليه وسلم . قال ابن زيد : " سميت أمة محمد أميين لأنه لم ينزل عليهم كتاباً قبل القرآن " . وروى ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " نَحْنُ أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ لاَ نَكْتُبُ وَلاَ نَحْسُبُ " وذكر الحديث . [ و ] إنما قيل ، [ للذي ] لا يكتب : " أمي " ، لأنه نسب إلى أمه ، كأنه كما ولد . وقيل : نسب إليها لأنها في أكثر الأحوال لا تكتب . وقيل : إن [ الأميين ] إنما نسبوا إلى أم القرى ، وهي مكة . - وقوله : { يَتْلُواْ عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ } . أي : يقرأ عليهم كتاب الله وَيُطَهِّرُهم من دَنَس الكفر ويُمَنِّيهِم بالثواب إذا قبلوا منه واتبعوه . { وَيُعَلِّمُهُمُ ٱلْكِتَابَ } . أي : القرآن . { وَٱلْحِكْمَةَ } : التفقه في الدين . وقيل : الكتاب : القرآن وما فيه من حلال وحرام . والحِكْمَةُ : ( السُّنَّةُ . قاله ) قتادة . - ثم قال تعالى : { وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } . أي : وقد كان هؤلاء ( الأميون ) - من قبل بعث محمد إليهم - في جور ظاهر عن قصد السبيل وعن الهدى والرشاد . وتقديره [ في ] [ العـ ] ـربية : وما كانوا من قبل بعث محمد إلا في ضلالٍ ( مبين ) ، ( هذا مذهب سيبويه ، وتقديره عند الكوفيين ) . وإنهم كانوا من قبل بعث محمد لفي ضلالٍ مبين . - ثم قال تعالى : { وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُواْ بِهِمْ } . { وَآخَرِينَ } : عطف على الأميين ، أي : بعث في الأميين وفي آخرين منهم ، " فهم " في موضع خفض ، وقيل : " هم " في موضع نصب عطف على الهاء والميم في " يُعَلِّمْهُمُ " أو في : " يُزَكَّيهِمْ " ، أي : ويعلم آخرين ( مِنهُم الكتاب والحكمة ، أي : ويزكي آخرين منهم ، قال مجاهد : { وَآخَرِينَ مِنْهُمْ } ) عنى به العجم لأنهم أميون أيضاً ، وكذلك قال ابن جبير . قال أبو هريرة : " لمَّا نَزَلَ { وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُواْ بِهِمْ } ، قِيلَ : يَا رِسُولَ اللهِ ، مَنْ هُمْ ؟ فَضَرَبَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ( بِيَدِهِ ) عَلَى [ سَلْمَانَ ] / وَقَالَ : لَوْ كَانَ الدِّينُ بِالثُّرَيَّا لَنَالَهُ هَذَا وَأَصْحَابُهُ " . وعن مجاهد : " { وَآخَرِينَ مِنْهُمْ } : هم كل من ردف الإسلام من الناس كلهم " . وقال ابن زيد : هؤلاء كل من كان بعد النبي عليه السلام إلى يوم القيامة ( كل من دخل في الإسلام من العرب والعجم . وقال الضحاك : " كل من آمن وعمل صالحاً إلى يوم القيامة " ) . وقال ابن عمر في أهل اليمن : أَنْتُمْ هُمْ . ومعنى : { لَمَّا يَلْحَقُواْ بِهِمْ } . أي : لم يَحْيَوْا بَعْدُ [ وَسَيَحْيَوْنَ ] . ثم قال : { وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } . أي : وهو العزيز في انتقامه من أعدائه ، الحكيم في تدبيره خلقه . ثم قال : { ذَلِكَ فَضْلُ ٱللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ ذُو ٱلْفَضْلَِ } . أي : هذا الذي تقدم من الخبر على إرسال محمد إلى الأميين وغيرهم هو فضل من الله تفضل به عليهم ، لأنه يؤتي فضله من يشاء من عباده ، ولا يستحق الذم ممن حرمه إياه لأنه لم يمنعه حقاً هو له ، ولكنه ( علم ) من هو له أهل فأودعه ( إياه ) . وعن ابن عباس أن الفضل هنا : الدين . - ثم قال تعالى : { وَٱللَّهُ ذُو ٱلْفَضْلِ } . أي : والله ذو الفضل العظيم على جميع خلقه المحسن منهم والمسيء . - ثم قال تعالى : { مَثَلُ ٱلَّذِينَ حُمِّلُواْ ٱلتَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا } . أي : مثل الذين ألزموا العمل بما في التوراة فلم يقوموا به ولا وفوا بما ألزموا فيها من الإيمان بمحمد وغير ذلك من فروضها . يعني بني إسرائيل والنصارى . - { كَمَثَلِ ٱلْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً } . أي يحمل كتباً من العلم لا ينتفع بها ولا يعقل ما فيها ، فكذلك الذين أوتوا التوراة فيها بيان أمر محمد وبعثه والأمر بالإيمان به ، فلم ينتفعوا بذلك ولا وفوا به ، فصاروا في عدم الانتفاع بذلك مثل الحمار الذي يحمل أسفاراً . أي : كتباً بها العلم . والحمل في هذا من الحمالة وليس من الحمل على الظهر ولا في الصدر ، أي تحملوا العمل بما فيها فلم يفوا بذلك . ومثله : { فَأبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا … وَحَمَلَهَا ٱلإِنْسَانُ } [ الأحزاب : 72 ] . في الأحزاب ، ومثله : { وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ } [ العنكبوت : 12 ] وهو كثير . فأما قوله : { كَمَثَلِ ٱلْحِمَارِ يَحْمِلُ } فهو من الحمل على الظهر . قال الضحاك : " الكتاب بالنبطية يسمى سِفْراً " . - ثم قال : { بِئْسَ مَثَلُ ٱلْقَوْمِ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِ ٱللَّهِ } . ( أي : بئس هذا المثل مثل القوم الذين كذبوا بآيات الله ) وحججه . { وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ } . لا يوفقهم ( إلى ) الهدى عقوبة لهم بكفرهم . - ثم قال تعالى : { قُلْ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ هَادُوۤاْ إِن زَعمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَآءُ لِلَّهِ مِن دُونِ ٱلنَّاسِ فَتَمَنَّوُاْ ٱلْمَوْتَ } . أي : قل - يا محمد - لليهود : إن كنتم تزعمون أنكم أولياء لله من دون المؤمنين فتمنوا الموت إن كنتم محقين في قولكم : إنكم أولياؤه ، فإن الله لا يعذب أولياءه ، بل يكرمهم [ وينعمهم ] ، فيستريحون من تعب الدنيا وكربها إلى النعيم . - ثم قال : { وَلاَ يَتَمَنَّونَهُ ( أَبَداً ) بِمَا قَدَّمَتْ أَيْديهِمْ } . ( أي ) : ولا يتمنى - يا محمد - اليهودُ الموتَ أبداً لمعرفتهم ( بما ) قدمت أيديهم من الآثام { وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِٱلظَّالِمِينَ } . - ثم قال تعالى : { قُلْ إِنَّ ٱلْمَوْتَ ٱلَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاَقِيكُمْ } . أي : قل لليهود - يا محمد - : إن الموت الذي تهربون منه وتكرهونه - لما قدمت أيديكم من الآثام - لا بد أن يحل بكم { ثُمَّ تُرَدُّونَ } - إذا متّمْ - { إِلَىٰ عَالِمِ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ } ، أي : إلى الله الذي يعلم غيب السماوات والأرض ، ويعلم ما ظهر من ذلك ، ويعلم ما أسررتم من أعمالكم وما أظهرتم فيجازيكم عليها ويخبركم بالذي كنتم تعملون . ودخلت الفاء في قوله : " فإنه " لتقدم " الذي " وإن كان نعتاً ، لأن النعت هو المنعوت في المعنى . و " الذي " فيه إبهام ، فشابه الشرط بالإبهام الذي فيه ، فدخلت الفاء في خبر " إن " لكون اسمها فيه إبهام كما تدخل في جواب الشرط ، لأن خبر " إن " كجواب الشرط ، فلما شابهه من الإبهام الذي في " الذي " دخل فيه ما يدخل في جواب الشرط . وقد قيل : إن الخبر لـ " إن " هنا هو جملة من ابتداء وخبر ، والتقدير : قل إن الموت هو الذي تفرون منه . - ثم قال تعالى : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاَةِ مِن يَوْمِ ٱلْجُمُعَةِ فَٱسْعَوْاْ إِلَىٰ ذِكْرِ ٱللَّهِ } . أي : إذا سمعتم النداء إلى الصلاة في يوم الجمعة ) فامضوا إليها ، وهو الآذان الذي يكون عند قعود الإمام على المنبر للخطبة . وقد قرأ ابن مسعود وعمر بن الخطاب : " فَامْضُُوا إِلَى ذِكْرِ اللهِ " . والسعي : [ العمل ] لا السرعة في المشي ، دليله ( قوله ) : { وَأَمَّا مَن جَآءَكَ يَسْعَىٰ } [ عبس : 8 ] و : { ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَىٰ } [ النازعات : 22 ] و : { وَإِذَا تَوَلَّىٰ سَعَىٰ فِي ٱلأَرْضِ } [ البقرة : 205 ] / { فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ ٱلسَّعْيَ } [ الصافات : 102 ] كل هذا ليس يراد به سرعة مشي ولا جَرْيٌ ، إنما هو العمل . ويزيد في بيانه قوله تعالى : { إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّىٰ } [ الليل : 4 ] أي : إن عملكم لمختلف . قال الحسن وقتادة : فاسعوا بالنية والإرادة . قال قتادة : " السعي يا ابن آدم أن تسعى بقلبك وعملك ، وهو المضي إليها " ، وهو قول عكرمة . ( وقال ) ابن زيد : إذا سمعتم الداعي الأول فأجيبوا إلى ذلك . قال : ولم يكن في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم أذان إلا الأذان حين يجلس على المنبر ، وأذان حين تقام الصلاة . قال : وهذا الآخِر شيء أحدثه الناس بَعْدُ في زمان عثمان رضي الله [ عنه ] فلم ينكره أحد من الصحابة ، وذلك حين كثر الناس وتباعدت الدور من المسجد ، فمضى عليه العمل . ولا يحل البيع بعد سماع النداء الذي يكون بين يدي الإمام عند الخطبة ، وهو قوله : { وَذَرُواْ ٱلْبَيْعَ } . أي : دعوا البيع والشراء إذا نودي للصلاة عند الخطبة ( يوم الجمعة ) . والذكر هنا هو موعظة الإمامِ الناس في خطبته ، قاله ابن المسيب وغيره . - ثم قال : { ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } . أي : سَعْيُكم إليها وتركُ البيع والشراء خير لكم في عُقْبَاكُمْ إن كنتم تعلمون مصالِحَ أنفسكم ومضارَّها ، وقد قال الضحاك والحسن وعطاء : إذا زالت الشمس يوم الجمعة حَرُمَ البيعُ والشراءُ حتى تُقْضَى الصلاة ، وكان عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه يمنع الناسَ البيعَ يوم الجمعة إذا نودي بالصلاة . وقال مالك : يفسخ البيع إذا وقع في هذا الوقت المنهي عنه ، ولم ير الشافعي فسخه لأن الآية ليس فيها فسخه ، فقيل له : أرأيت نكاحَ [ المُحْرِمِ ] ونكاحَ الشِّغَارِ يُفسخان إذا وقعا ؟ [ فقال : نعم ] ، قال : فكيف [ تفسخهما ] وليس في الحديث ذكر الفسخ إذا وقعا ؟ ! إنما فيه النهي عن ذلك كما في الآية النهي عن البيع ، فكما لا اختلاف في فسخ النكاح - وإن كان الحديث لم يتضمن ذكر الفسخ - كذلك هذا . وقد ذهب قوم إلى أن البيع جائز في ذلك الوقت ، وتأولوا أن الآية على الترغيب لا على الإلزام ، واستدلوا ( على ذلك ) بقوله بعد ذلك : { ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ } . فلما قال { خَيْرٌ لَّكُمْ } دل على أنه على الترغيب . وهذا غلط ، لو جاز هذا لكان قوله : { وَلاَ تَقُولُواْ ثَلاَثَةٌ ٱنتَهُواْ خَيْراً لَّكُمْ } [ النساء : 171 ] على الترغيب لا على الإلزام ، وهذا كفر من قائله . فإن أعتق أو أنكح بعد الأذان يوم الجمعة لم يفسخ ، لأنه ليس من البيع الذي نص الله [ عليه ] ، [ ولأنه ] أمر نادر غير دائم كالبيع الذي هو دائم منتظر ، ولأن القوم إنما خرجوا من خلف النبي صلى الله عليه وسلم إلى العير التي أتت من الشام ليَرَوْهَا ولِيَشتروا [ مما ] جاءت به ، فعوتبوا على ذلك ونزل تحريم البيع الذي أخرجهم من خلف النبي عليه السلام . قال جابر : " أَقْبَلَتْ عِيرٌ بِتِجَارَةٍ يَوْمَ الجُمعةِ ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ ، فانصرفَ الناسُ يَنْظُرُونَ ، وبَقِيَ رسولُ الله ( يخطب ) فِي ( اثْنَيْ ) عَشَرَ رَجُلاً ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيةُ " . فالجمعة لازمة لكل حر محتلم ، وغسلها سنّة على كل محتلم وقت الرواح إليها . ولا جمعة على المسافر ولا على النساء ، فإن ( حضرن ) وصلين مع الناس ركعتين أجزتهن عن الظهر . وكان ابن مسعود يخرج النساء من المسجد يوم الجمعة ويقول : أخرجن إلى بيوتكن ( خيراً لكن . وجائز للمسافر السفر ) يوم الجمعة ما لم يحضر الوقت عند مالك ، ومنعه جماعة من ذلك حتى يصلي الجمعة . والجمعة يجب أن يأتيها من كان على ثلاثة أميال فأقل من المسجد عند مالك . وعن الزهري : من كان على ( مسافة ) ستة أميال فأقل يجب عليه الإتيان . وقيل : لا يجب إلا على من سمع النداء ، روي ( عن ) عبد الله بن عمر وسعيد بن المسيب وبه قال أحمد بن حنبل ، لأنه قال تعالى : { إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاَةِ } فدل على أن ذلك على من سمعه أو كانَ في موضع يمكن أن يسمعه . وقال أصحاب الرأي : تجب الجمعة على أهل المصر ، من سمع النداء ومن لم يسمع . وقال ابن المنكدر والزهري : تجب الجمعة على من كان على أربعة أميال . وروي عن أبي هريرة : أن الساعة التي يستجاب فيها الدعاء يوم الجمعة من بعد طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ، وبعد صلاة العصر إلى غروب الشمس . وقال أبو العالية والحسن : ( هي ) ( عند ) زوال الشمس . وقالت عائشة رضي الله عنها : هي عند أذان المؤذن لصلاة الجمعة . وعن الحسن أيضاً أنها ما بين خروج الإمام إلى أن [ تقضى ] الصلاة . وقال أبو بردة : هي عند نزول الإمام . وقال أبو السوار : هي ما بين زوال الشمس إلى أن تدخل الصلاة . وعن أبي ذر : أنها بعد زيغ الشمس شبراً إلى ذراع من يوم الجمعة . وعن جماعة / من العلماء : أنها آخر ساعة من يوم الجمعة . - ثم قال تعالى : { فَإِذَا قُضِيَتِ ٱلصَّلاَةُ فَٱنتَشِرُواْ فِي ٱلأَرْضِ } . أي : إن شئتم ، ( وهذه ) رخصة بعد [ حظر ] . وقد روى أنس أن النبي عليه السلام قال : " { فَٱنتَشِرُواْ فِي ٱلأَرْضِ وَٱبْتَغُواْ مِن فَضْلِ ٱللَّهِ } لَيْسَ بِطَلَبِ دُنْيَا وَلَكِنْ عَيَادَةُ مَرِيضٍ وَحُضُورُ جَنَازَةٍ وَزِيَارَةُ أَخٍ فِي اللهِ " . وقوله : { وَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } . أي : اذكروه بالحمد والشكر على ما وفقكم له لعلكم تنجون وتبقون في النعيم الدائم . ثم قال تعالى : { وَإِذَا رَأَوْاْ تِجَارَةً أَوْ لَهْواً ٱنفَضُّوۤاْ إِلَيْهَا } . التقدير عند المبرد : وإذا رأو تجارة انفضوا إليها ، وإذا رأوا لهواً انفضوا إليه ( ثم حذف وأخر ضمير الأول . والمعنى : إذا رأوا ذلك أسرعوا إليه ) وتركوك قائماً تخطب . يوبخ المؤمنين بذلك من فعلهم ( إذ ) خرجوا عن رسول الله - وهو يخطب - لرؤية العير التي أتت من ( الشام ) وكانت تحمل زيتاً ( أتى ) به دحية بن ( خليفة ) من الشام . قال الحسن : أصاب الناس جوع و ( غلاء ) سعر ، فقدمت عير والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب فخرجوا إليها . واللهو ( هنا ) : ما يصنع عند النكاح من الدف . وقيل : وهو الطبل . ثم قال تعالى : { قُلْ مَا عِندَ ٱللَّهِ خَيْرٌ مِّنَ ٱللَّهْوِ وَمِنَ ٱلتِّجَارَةِ } . أي : ما عنده من الثواب والأجر خير من ذلك لمن جلس واستمع الخطبة . { وَٱللَّهُ خَيْرُ ٱلرَّازِقِينَ } . أي : خير رازق ، فارغبوا إليه في توسعة الرزق .