Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 66, Ayat: 6-12)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
- قوله تعالى : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ قُوۤاْ أَنفُسَكُمْ ( وَأَهْلِيكُمْ ) … } . إلى آخر الآية . ( أي ) : يا أيها الذين آمنوا اعملوا عملاً [ صالحاً ] تقون به أنفسكم من النار ، ولْيُعَلِّمَ [ بَعْضُكُمْ ] بَعْضَاً ما تقون به من تُعَلِّمُونَهُ من النار ، وعَلِّمُوا أهليكم من العمل ما يقون به أنفسهم من النار . قال علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - في [ قوله ] : { قُوۤاْ أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً } أي : علموهم وأدبوهم . قال ابن عباس : معناه : " اعملوا بطاعة الله ، واتقوا معاصيه ، ومُرُوا أهليكم بالذكر / ينجيكم الله من النار " . وقال مجاهد : " واتقوا الله ، وأوصوا أهليكم بتقوى الله " . وقال قتادة : مروهم بطاعة الله ، وانهوهم عن [ معصيته ] . وقيل : المعنى : لا تعصوا فيعصي أهلوكم . وفي الحديث : " لا تزن [ فيزني ] أهلك " . وقوله : { وَقُودُهَا ٱلنَّاسُ وَٱلْحِجَارَةُ … } . أي : حطبها بنو آدم وحجارة الكبريت . { عَلَيْهَا مَلاَئِكَةٌ غِلاَظٌ شِدَادٌ … } . ( أي ) : على هذه النار ملائكة غلاظ على أهل النار ، شِدَادٌ عليهم . وقيل : { شِدَادٌ } بمعنى : أقوياء . { لاَّ يَعْصُونَ ٱللَّهَ مَآ أَمَرَهُمْ … } . أي : لا يخالفون الله فيما أمرهم به من عذاب الكفار وغيره . { وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ } . أي : ينتهون إلى ما أمرهم الله به . - ثم قال تعالى : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لاَ تَعْتَذِرُواْ ٱلْيَوْمَ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } . ( أي ) : يا أيها الذين جحدوا وحدانية الله ، لا تعتذروا عن كفركم يوم القيامة بما لا ينفعكم ، إنما تثابون جزاءً على أعمالكم . ثم قال تعالى : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ تُوبُوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحاً … } . أي : يا أيها الذين صدقوا الله ، ارجعوا من ذنوبكم إلى طاعة الله وإلى ما يرضيه عنكم رِجْعَةً نَصُوحاً ، أي : لا تعودون معها أبداً . قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : التوبة النصوح أن يتوب الرجل من العمل السيء ثم لا يعود فيه أبداً ولا يريد أن يعود فيه . وهو قول الضحاك . وقاله ابن مسعود . وقال قتادة : التوبة النصوح " هي الصادقة الناصحة " . ومن ضم النون ، فيجوز أن يكون جمع نُصْحٍ . ويجوز أن يكون مصدراً ، كرجل عدل ، ( أي ) : صاحب عدالة . وقال ابن زيد : النصوح : الصادقة ، ويعلم أنها صدق بندامته على خطيئته وحب الرجوع إلى طاعة الله . - ( ثم قال تعالى : { عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ … } . أي : يمحوها عنكم . و " عسى " من الله ) واجبة . { وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ يَوْمَ لاَ يُخْزِى ٱللَّهُ ٱلنَّبِيَّ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ ( مَعَهُ ) … } . أي : ويدخلكم بساتين تجري من تحت أشجارها الأنهار في يوم [ لا يخزي ] الله فيه النبي ، أي : لا يبعده من إِفْضَالِهِ وإِنْعَامِهِ ، ولا يُبْعِدُ الذين آمنوا معه من ذلك . - ثم قال : { نُورُهُمْ يَسْعَىٰ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ . … } . قال ابن عباس : يأخذون كتابهم فيه البشرى . { يَقُولُونَ رَبَّنَآ أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا … } . أي : يسألون ربهم أن يُبْقِيَ لهم نُورَهُمْ حتى يَجُوزُوا الصراط ، وذلك حين يطفئُ نور المنافقين وقت يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا : انظرونا نقتبس من نوركم . قاله مجاهد وغيره . وقال الحسن : " ليس أحد إلا يعطى نورا يوم القيامة فيُطفئُ نور المنافقين ، فيخشى المؤمن أن يُطْفِئَ نوره . فذلك قوله { رَبَّنَآ أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا } " . { وَٱغْفِرْ لَنَآ … } . أي : واستر علينا ذنوبنا . { إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } . أي : إنك على إتمام نورنا وغفران ذنوبنا وغير ذلك من الأشياء قدير . - ثم قال : { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ جَاهِدِ ٱلْكُفَّارَ وَٱلْمُنَافِقِينَ وَٱغْلُظْ عَلَيْهِمْ … } . أي : جاهد الكفار بالسيف ، والمنافقين بالوعيد والتهدد . قال قتادة : " أمر الله نبيه أن يجاهد الكفار بالسيف [ ويغلظ على المنافقين بالحدود ] " . ومعنى { وَٱغْلُظْ عَلَيْهِمْ } أي : اشدد عليهم في ذات الله ولا تلن . ثم قال تعالى : { وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ … } . أي : ومسكنهم في الآخرة جهنم ، وبئس الموضع الذي يصيرون إليه . ثم قال تعالى : { ضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱمْرَأَتَ نُوحٍ وَٱمْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ ( فَخَانَتَاهُمَا ) … } . أي مثل الله للذين كفروا هاتين المرأتين ، كانتا تحت { عَبْدَيْنِ ( مِنْ عِبَادِنَا ) صَالِحَيْنِ } ، وهما لوط ونوح [ { فَخَانَتَاهُمَا } ] . قيل : إن خيانة امرأة نوح لنوح أنها كانت كافرة ، وكانت تقول للناس إنه مجنون ، وخيانة امرأة لوط ( له ) أنها كانت [ تدل قومها ] على أضيافه . وكان هو يسترهم . وقيل : كانت توقد ناراً إذا نزل بلوط ضيف فيعرف قومه أن عنده ضيفاً ، فيأتون لأذاه . قال ابن عباس : ما بغت امرأة نبي قط ، وإنما كانت إحداهما تقول إنه مجنون ، والأخرى تدل على أضيافه . قال عكرمة : " كانت خيانتهما أنهما كانتا مشركتين " ، وقاله الضحاك . فلم يغن صلاح زوجيهما عنهما شيئاً ، بل قيل لهما : أدخلا النار مع من دخلها بِخِيَانَتِكُما . كذلك من كان كافرا وابنُه أَوْ زوجُه أو قريبُه مؤمنٌ ، لا يغني عنه إيمان قريبه شيئاً من عذاب الله . فالفائدة في هذا أن أحداً لا ينفعه إيمان غيره . وقيل : { مَعَ / ٱلدَّاخِلِينَ } يريد : مع القوم الداخلين . ثم قال تعالى : { وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ ٱمْرَأَتَ فِرْعَوْنَ } . وهي آسية ، آمنت وهي تحت عدو الله فلم يضرها كفره ، إذ لا تزر وازرة وزر أخرى . فدعت الله أن [ يبني ] لها بيتاً في الجنة ففعل ، [ وسألته ] أن ينجيها من فرعون وعمله وعمل قومه ففعل ، فماتت مسلمة . قال القاسم بن أبي بزة : " كانت امراة فرعون تقول ، تسأل من غلب ، فيقال : غلب موسى وهارون ، فتقول : آمنت برب موسى وهارون ، فأرسَل إليها فرعون ، فقال : أنظروا أعظم صخرة تجدونها ، فإن مضت على قولها فألقوها عليها ، وإن رجعت عن قولها فهي [ امرأتي ] . فلما أتوها رفعت بصرها الى السماء فأبصَرَت بيتها في الجنة فمضت على قولها ، فانتزع الله روحها وألقيت الصخرة على جسدها ليس فيه روح " . قال قتادة : " كان أعتى أهل الأرض ( على الله ) وأبعده من الله ، فوالله ما ضرَّ امرأتَه كُفرُ زوجها حين أطاعت ربها لتعلموا أن الله حَكَمٌ عَدلٌ لا يؤاخذ أحداً إلا بذنبه " . - ثم قال : { وَمَرْيَمَ ٱبْنَتَ عِمْرَانَ ٱلَّتِيۤ أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا … } . أي : وضرب الله مثلاً للذين آمنوا مريم التي منعت جَيْبَ درعها جِبرِيل ، وَكُلَّ ما كان في الدرع من فَتق أو خَرْقٍ فإنه يسمى فرجاً ( وكذلك كل ) [ صَدع ] أو شق في حائط أو سقف فهو فرج . - ثم قال تعالى : { فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا … } . ( أي ) : فنفخنا في جيب درعها من جبريل عليه السلام . وقيل : معناه : فجعلنا في الجيب من الروح الذي لنا أي : الذي نملكه . - ثم قال تعالى : { وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا … } . [ أي : وآمنت ] بعيسى وهو كلمة الله ، وبالكتاب الذي أنزل عليه وقبله ، وهي كلمة الله ، وهي التوراة والإنجيل . ثم قال : { وَكَانَتْ مِنَ ٱلْقَانِتِينَ } . أي : من المطيعين ، أي : من القوم المطيعين . ( داود بن إسحاق ) .