Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 11-11)

Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ } الآية . قوله : { ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ } . قال الأخفش ، وقطرب : { ثُمَّ } هنا بمعنى " الواو " . ومنع ذلك سائر البصريين . والمعنى عندهم فيه : ولقد ابتدأنا خلق آدم ، ثم صورناه ، { ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلاۤئِكَةِ ٱسْجُدُواْ } له بعد تمام خلقه . ودليله قوله تعالى : { كَمَثَلِ ءَادَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن [ فَيَكُونُ ] } [ آل عمران : 59 ] . وقيل المعنى : { وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ } أيها الناس في ظهر آدم ، { ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ } ، يعني ذريته ، في أرحام النساء في صورة آدم . قاله ابن عباس وغيره . وقال السدي المعنى : { وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ } ، أي : خلقنا آدم ، { ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ } يعني : ذريته في الأرحام . وأخبر عن خلق آدم بلفظ الجماعة ؛ لأنه الأصل / للجميع ، فكأن ( خلقه ) خلق الجميع . والعرب تجعل مخاطبة الرجل لأبائه المعدومين ، ومنه قول الله تعالى عز وجل : { وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ ٱلطُّورَ } [ البقرة : 63 ] ، فالخطاب لمن كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، والمراد به من تقدم من آبائهم . فكذلك هذا الخطاب للمؤمنين ، والمراد به الخبر عن أبيهم آدم ، صلوات الله عليه . وكذلك قال قتادة . وقال عكرمة المعنى : { وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ } أيها الناس نطفاً في أصلاب آبائكم ، { ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ } في الأرحام . وكذلك روى سفيان عن الأعمش أنه فسره كذلك . وقال مجاهد المعنى : { وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ } يعني : آدم ، { ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ } في ظهر آدم . وقيل المعنى : { وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ } في بطون أمهاتكم ، يعنى : النطفة والعلقة ، { ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ } بعد ذلك في البطون . واختار الطبري ، قول من قال : ( معناه ) : ولقد خلقنا أباكم آدم ثم صورناه . قال : لأن بعده : { ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلاۤئِكَةِ ٱسْجُدُواْ لأَدَمَ } ، ومعلوم أن الله ( تعالى ) قد أمر الملائكة بالسجود لآدم ( عليه السلام ) ، قبل أن يصور أحداً من ذريته في بطون أمهاتهم . و { ثُمَّ } للتراخي فيما بين ما بعدها وما قبلها . وقال بعض أهل النظر : إن في الكلام تقديماً وتأخيراً ؛ وإن ترتيبه : ولقد خلقناكم ، ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم ، ثم صورناكم . وهذا بعيد عن النحويين ؛ لأن " ثم " لا يجوز أن يراد بها التقديم على ما قبلها من الخبر . فقد أنكر هذا القول النحاس ، وغيره . وقوله : { ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلاۤئِكَةِ ٱسْجُدُواْ لأَدَمَ } . فعل تعالى ذلك بعد خلق آدم ( عليه السلام ) ابتلاء منه لهم ، واختباراً لِتَتِمَّ مشيئته التي تقدمت في إبليس ، فيعلم ذلك طاهراً وظهوراً يجب عليه العقاب ( لهم ) والثواب ، فسجد جميعهم إلا إبليس . وقال ابن عباس : كان إبليس من أشراف الملائكة ، وكان خازناً على الجنان ، وكان له سلطان سماء الدنيا ، وسلطان الأرض ، فعصى ، فمسخه الله ( سبحانه ) شيطاناً رجيماً . قال ابن جريح : ومن يقل من الملائكة إني إله من دونه ، لم يقله إلا إبليس دعا إلى عبادة نفسه ، فنزلت هذه الآية . قال قتادة : { وَمَن يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّيۤ إِلَـٰهٌ [ مِّن دُونِهِ ] } [ الأنبياء : 29 ] ، هذه الآية خاصة لعدو الله إبليس ( اللعين ) لما قال ما قال ، لعنه الله وجعله رجيماً . قال ابن عباس : لما قتل إبليس الجن الذين عصوا الله ( عز وجل ) في الأرض ، وشردهم ، أعجبته نفسه ، فلذلك [ امتنع ] من السجود واستكبر على ربه [ سبحانه ] .