Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 137-137)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { وَأَوْرَثْنَا ٱلْقَوْمَ ٱلَّذِينَ كَانُواْ يُسْتَضْعَفُونَ [ مَشَارِقَ ٱلأَرْضِ ] } ، الآية . قوله : { مَشَارِقَ ٱلأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا } ، مفعول " بأورث " . وقال الفراء ، والكسائي : هو ظرف . وتقدير الكلام عندهم : { وَأَوْرَثْنَا ٱلْقَوْمَ ٱلَّذِينَ كَانُواْ يُسْتَضْعَفُونَ } في { مَشَارِقَ ٱلأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا } الأرض { ٱلَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا } ، في مشارق الأرض ومغاربها . فـ ( التي ) : مفعول لـ : ( أوْرَثْنَا ) . والمعنى : أورثنا بني إسرائيل ، الذين كان فرعون يستخدمهم استضعافاً لهم ، { مَشَارِقَ ٱلأَرْضِ } ، أي : أرض الشام ، في قول الحسن ، وهو ما يلي المشرق ، { وَمَغَارِبَهَا } ما يلي المغرب ، { ٱلَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا } ، أي : التي جعلنا الخير فيها ثابتاً دائماً . وقال الليث : { ٱلأَرْضِ } ، هنا أرض مصر ، وإِنَّ مصر هي التي بارك الله فيها . قال الليث : مصر مباركة في كتاب الله ، جل ذكره ، لقوله تعالى : { ٱلَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا } ، قال : هي مصر ، وهي مباركة . ومصر مشتقة من قولهم : مَصَرَ الشَّاةَ يَمْصُرُهَا مَصْراً : إذا حلب كل شيء في ضرعها ، فسميت : مِصْراً لاجتماع الخير فيها . وروي عن ابن عمر أنه قال . نيل مصرَ سَيّدُ الأنهار ، وسخر الله ، عز وجل له كل نهر بين المشرق والمغرب ، وذلَّلَه له ، فِإذا أراد الله ، جل ذكره ، أن يجري نيل مصر ، أمر كل نهر أن يمده ، فمدته الأنهار بمائها ، وفجر الله له الأنهار عيوناً ، فإذا انتهى جريه إلى ما أراد الله ، سبحانه ، أوحى الله ، عز وجل ، إلى كل ماء أن يرجع إلى عنصره . وقال ابن عمر ، وغيره في قوله ، تعالى : { كَمْ تَرَكُواْ مِن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ } [ الدخان : 25 - 26 ] ، قال : كانت الجنات بِحَافَتَيْ هذا النِّيل ، من أوله إلى آخره في الشقين جميعاً ، ما بين : " أَسْوَان إلى : رَشِيد ، وكان له سبعة خُلُج : خليج الإسكندرية ، وخليج دِمْيَاط ، وخليج سَرْدُوس ، وخليج مَنْف ، وخليج الفَيُّوم ، وخليج المَنْهَى . وقيل : السابع ، خليج سَخَا ، كانت متصلة لا ينقطع منها شيء عن شيء . وقوله : { وَمَقَامٍ كَرِيمٍ } ، يعني المنابر . كان بها ألف منبر . وقوله : { وَأَوْرَثْنَا ٱلْقَوْمَ ٱلَّذِينَ كَانُواْ يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ ٱلأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا } ، قال الطبري : لا يجوز أن تكون : { مَشَارِقَ ٱلأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا } نصباً على الظرف ؛ لأن بني إسرائيل لم يكن يستضعفهم ( أحداً ) يومئذ إلا فرعون بمصر ، فغير جائز أن يقال : { يُسْتَضْعَفُونَ } في مشارق الأرض وفي مغاربها . وقد غَلِطَ الطبري على الفراء ؛ لأن الفراء لم يرد أنه ظرف : { يُسْتَضْعَفُونَ } ، إنما جعله ظرفاً مقدماً للأرض التي بورك فيها . فتقدير الكلام : { وَأَوْرَثْنَا ٱلْقَوْمَ ٱلَّذِينَ كَانُواْ يُسْتَضْعَفُونَ } الأرض التي باركنا ( فيها ) في مشارق / الأرض ومغاربها . وهذا أحسن في المعنى ، وإن كان النصب بـ : { أَوْرَثْنَا } على أنه مفعول به أحسن . وقوله : { وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ ٱلْحُسْنَىٰ عَلَىٰ بَنِيۤ إِسْرَآئِيلَ بِمَا صَبَرُواْ } . أي : تَممَّ الله ( عز وجل ) لهم ما وعدهم به من تمكينهم في الأرض ونصرهم على فرعون عدوهم ، بِصَبْرِهم على عذاب فرعون لهم . وهذا يدل على أن الصبر عند البلاء أحمد من مقابلته بمثله ؛ لأن البلاء إذا قوبل بمثله وُكِلَ فاعله إليه ، وإذا قوبل بالصبر وانتظار الفرج من الله ، جل ذكره ، أتاهم الله ، ( عز وجل ) ، بالفرج الذي أملوه وانتظروه من الله ، ( سبحانه ) . وقال مجاهد : هو ظهور قوم موسى على فرعون . و " الكلمة " هنا : قول موسى : { عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي ٱلأَرْضِ } [ الأعراف : 129 ] . وقيل : هو قوله : { وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى ٱلَّذِينَ ٱسْتُضْعِفُواْ فِي ٱلأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً } [ القصص : 5 ] ، إلى { يَحْذَرُونَ } [ القصص : 6 ] . وقوله : { وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ ، ) } . أي : أهلكنا ما عَمَّروْا وَزَرَعُوا . { وَمَا كَانُواْ يَعْرِشُونَ } . أي : ( وأهلكنا ) ما كانوا يبنون ، أي : خَرَّبنا ذلك . والضم والكسر في " راء " : { يَعْرِشُونَ } ، لغتان .