Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 20-22)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { فَوَسْوَسَ لَهُمَا ٱلشَّيْطَانُ } ، الآية . قرأ ابن عباس : ويحيى بن أبي كثير : " مَلِكَيْن " بكسر " اللام " . أي : من الملوك الذين في الدنيا . ومن فتح " اللام " فمعناه : من الملائكة . والمعنى : فالقى إليهما قولاً حملهاً على ركوب النهي . ومعنى { لِيُبْدِيَ لَهُمَا } ، : ليظهر سوآتهما التي هي مستورة ، وحلف لهما أني ناصح لكما في أن ربكما إنما نهاكما عن أكل الشجرة ، كراهة أن تكونا مَلَكَيْن ، أو كراهة أن تخلدا في الجنة . ومعنى { [ وَ ] قَاسَمَهُمَآ } ، حلف لهما ، مثل طارقتُ النَّعْلَ وعاقَبْت اللص . وقال قتادة : حلف لهما بالله ، وقال : أنا خُلقت قبلكما ، وأنا أعلم منكما ، فاتبعاني أرشدكما . { فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ } . أي : غرهما باليمين التي حلف لهما ، وكان آدم ، ( صلوات الله [ عليه ] ) ، يظن أنه لا يحلف أحد بالله كاذباً ، فغره ذلك . قال ابن عباس : كانت الشجرة التي نهيا عن أكلها ، السنبلة ، فلما أكلا بدت سوآتهما ، أي : تقلص النور الذي كان يسترهما ، فصار أظفاراً في الأيدي والأرجل ، وظهرت سوآتهما لهما ، فعمدا يلزقان ورق التين بعضها إلى بعض ، فانطلق آدم موليّا في الجنة ، فأخذت برأسه شجرة من الجنة ، فناداه الله : أي آدم أمني تفر ؟ فقال : لا ، ولكني استحييت منك يا رب ! فقال : أما كان لك فيما منحتك من الجنة مندوحة عما حرمت عليك ؟ قال : بلى يا رب ، ولكن وعزتك ما حسبت أن أحداً يحلف بك كاذباً . قال ابن جبير : حلف لهما بالله حتى خدعهما ، وقد يخدع المؤمن بالله . ومعنى " وسوس " : زين وألقى ، وحسس المعصية حتى أكلا . وقد تقدم ذكر دخول إبليس الجنة في فم الحية ، وكانت إذ ذاك دابة لها أربع قوائم ، كأنها البعير كاسية ، فأعراها الله ، وأزال قوائمها عقوبة لها . و " اللام " في { لِيُبْدِيَ } : لام العاقبة ، بمنزلة : { فَٱلْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً وَحَزَناً } [ القصص : 8 ] . ولما حملها على الأكل تقدمت حواء للأكل ، وأبى آدم أن يأكل ، فأكلت حواء ، وقالت : يا آدم كل فإنه لم يضرني فأكل ، فـ : { بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ ٱلْجَنَّةِ } . قال مجاهد : يعنى : يرقعانه كهيئة الثوب . ومعنى ( طَفِقَا ) : جعلا . وأتت الأخبار عن النبي ، عليه السلام ، أن الله تعالى خلق آدم يوم الجمعة ، ويوم الجمعة خرج من الجنة ، وفيه تيب عليه ، وفيه قبضه . وكان مقدار مكث آدم في الجنة خمس / ساعات . وقيل : ثلاث ساعات . وقال ابن عباس : كان مكث آدم نصف يوم من أيام الآخرة ، وخرج بين الصلاتين : الظهر والعصر . قال علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه ، : أطيب أرض بالأرض ريحاً الهند ، هبط آدم بها ، فعلق شجرها من ريح الجنة . وقال ابن زيد : أهبط آدم بالهند ، وحواء بجدة ، فجاء في طلبها حتى أتى " جمعاً " فازدلفت إليه حواء ، فلذلك سميت " المزدلفة " ، وتعارفا بعرفات ، فلذلك سميت " عرفات " ، واجتمعا بِجَمْع ، فلذلك سميت " جمعاً " . وأهبطت الحية بأصبهان ، وإبليس بميسان . وقيل بساحل بحر الأُبُلَّة . ولما أهبط آدم إلى الأرض ، أهبط على جبل يسمى : " بوذ " ، وكان أطول جبال الأرض ، فكان آدم عليه السلام ، رجلاه على الجبل ورأسه في السماء ، فكان يسمع تسبيح الملائكة ودعاءهم ، وكان ( آدم ) يأنس لذلك ، فهابته الملائكة ، فخفضه الله إلى الأرض الى ستين ذراعاً فاستوحش ، فشكا إلى الله في دعائه ، فوجه إلى مكة فأنزل الله ياقوتة من الجنة ، فكانت في موضع البيت فلم يزل يطاف بها حتى نزل الطوفان ، فرفعت حتى بعث الله إبراهيم ، فبناه . وكان أصل الطيب عند جماعة من أهل التفسير : الورق الذي طفق آدم وحواء يخصفانه على أنفسهما نزلا به إلى الدنيا . وقيل : إنه خرج ومعه صرة من حنطة . وقيل : إن جبريل أتاه بها حين استطعم ، أتاه بسبع حبات فوضعها في يد آدم ، فقال آدم : وما هذا ؟ ، فقال له جبريل : هذا الذي أخرجك من الجنة ، فعلمه ما يصنع به . قال سعيد بن جبير : أهبط إلى آدم ثور أحمر ، ( فكان ) يحرث عليه ، ويمسح العرق ، وهو قوله : { فَلاَ يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ ٱلْجَنَّةِ فَتَشْقَىٰ } [ طه : 117 ] . ومعنى { فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ } ، ( أي ) : خدعهما . واللام في ( قوله ) : { لِيُبْدِيَ } هي مثل اللام في : { لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوّاً وَحَزَناً } [ القصص : 8 ] ؛ لأن إبليس لم يعلم أنهما إن أَكلا من الشجرة { [ بَدَتْ لَهُمَا ] سَوْءَاتُهُمَا } إنما حملهما على ركوب المعصية لا غير . فكان عاقبة أمرهما لما أكلا ظهور سوءاتهما ، فجاز أن يقول : فوسوس لهما ليبدي لهما لما أل أمرهما إلى ظهور سوءاتهما ، كان كأنه فعل ذلك بهما لتظهر سوءاتهما .