Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 26-26)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { يَٰبَنِيۤ ءَادَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً } الآية . قوله : { قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً } ، واللباس هو : الثياب ، وهي / غير منزلة ، لكن لما كان حدوث الثياب من الكتان والقطن ، والكتان والقطن إنما يكونان عن النبات بالماء ، فالماء ( هو ) المنزل ، فسمى ما يحدث عنه منزلاً أيضاً ؛ لأنه عنه كان ، وبه تم ، ونما ونبت ، وهذا يسمى : " التدريج " : لأن الثياب عن الماء اندرجت . قوله : { وَلِبَاسُ ٱلتَّقْوَىٰ ذٰلِكَ خَيْرٌ } . من نصب " لباساً " عطفه على ما قبله ، أي : وأنزلنا لباس التقوى ، ويكون الوقف على { ٱلتَّقْوَىٰ } ، و : { ذٰلِكَ } : مبتدأ ، و : { خَيْرٌ } خبره . و : { ذٰلِكَ } إشارة إلى ما تقدم مما أخبر أنه أنزل ، فمعناه : ذلك الذي أنزلنا خير من كشف العورة والتجرد في الطواف . ومن قرأ بالرفع ، جعله مبتدأ ، و : { ذٰلِكَ } نعت له ، و : { خَيْرٌ } خبر الابتداء . والمعنى : ولباس التقوى ذلك [ الذي علمتموه ] خير من لباس الثياب والزينة . ويكون التمام : { وَرِيشاً } . قال المبرد : من قرأ بالنصب ، احتمل أن يكون { ذٰلِكَ } إشارة إلى اللباس خاصة ، وأن يكون إشارة إلى ما تقدم ، ويكون في الوجهين في موضوع رفع . ومعنى الآية : إن العرب كانت تتعرى في الطواف اتباعاً لأمر الشيطان في سلبهم من ستر الله تعالى . ويعني بقوله : { أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً } ، أي خلقناه لكم وعلمناكم كيف تعملونه ، وهو ما يستتر به من الثياب . { يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ } . ( أي ) : يستر عوراتكم . وسميت العورة " سوأة " ؛ لأن صاحبها يسوءه انكشافها من جسده . وقوله : { وَرِيشاً } . قرأ المفضل عن عاصم ، والحسن [ وحسين ] الجعفي عن أبي عمرو : " ورياشاً " بألف . قال الفراء : الرياش : جمع ريش ، كذِئْب وذِئَاب ، وبِئْر وبِئَار . ويجوز أن يكون [ رياش كـ : ] " ريش " كما يقال : لِبْسٌ ولِبَاس فيكونان مصدرين كاللِّبس واللِّباس . و : " الريش " و : " الرياش " : ما ظهر من اللباس والشارة . وقيل : الرياش : الأثاث . وقد يستعمل " الرياش " في الخصب ورفاهة العيش . وقيل : الرياش : المعاش . وقال مجاهد : " الرياش " ، المال . وقال ابن زيد : " الرياش " : الجمال . وقال الضحاك : " الرياش " المال . وقد ( روي ) عن ابن عباس ذلك . وقوله : { وَلِبَاسُ ٱلتَّقْوَىٰ } . فقال قتادة ، والسدي ، وابن جريج : هو الإيمان . وقيل : هو الحياء . وقال ابن عباس : هو العمل الصالح . وعن ابن عباس أيضاً : هو السَّمت الحسن في الوجه . وكذلك روي عن عثمان ، رضي الله عنه ، أنه فسرها على المنبر كذلك . وقال عروة بن الزبير : هو الخشية لله ، ( عز وجل ) . وقال ابن زيد : هو ستر العورة . وقيل هو : لبس الصوف ، والخشن من الثياب ، مما يتواضع به لله ، ( عز وجل ) . وقيل : هو استشعار النفوس تقوى الله ( عز وجل ) في ما أمر به ، ونهى عنه . وهو اختيار الطبري . وقال يحيى بن يحيى : { وَلِبَاسُ ٱلتَّقْوَىٰ } : الخشوع ، والوقار ، وحسن الَسّمْت ، مع العمل بما يشبه ذلك ، رواه عنه ابن حبيب . واختار المبرد ، والطبري قراءة النصب ؛ لأنه كله توبيخ للمشركين في تعريهم وكشفهم سوآتهم طاعة منهم لإبليس ، ليفعل بهم ما فعل بأبيهم آدم ( عليه السلام ) ، في الجنة ، وبحواء ، / إذ خدعهما حتى بدت لهما سوآتهما . ودل على ذلك ما بعده ، من قوله : { يَابَنِيۤ ءَادَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ ٱلشَّيْطَانُ } [ الأعراف : 27 ] الآية ، وما بعدها من الآيات . وقوله : { ذٰلِكَ مِنْ آيَاتِ ٱللَّهِ } . أي : ذلك الذي أنزلته عليكم ، من مصالحكم آية ، وحجة عليكم لعلكم تذكرون نعمه وآياته .