Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 65-69)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { وَإِلَىٰ عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً } إلى : { تُفْلِحُونَ } . المعنى : وأرسلنا إلى عاد أخاهم هوداً ، وهود من ولد نوح ( عليه السلام ) ، بينه وبينه سبعة آباء . وكان أشبه خلق الله ( تعالى ) بآدم ( عليه السلام ) ، خلا يوسف ( عليه السلام ) ، وكانت عاد ثلاث عشرة قبيلة ، ينزلون الرمل . بلادهم أخصب بلاد ، فلما سخط الله ( عز وجل ) عليهم جعلها مفاوز ، وكانوا بنواحي عمان إلى حضرموت إلى اليمن ، ولما أهلك الله ( عز وجل ) قومه لحق هود ( عليه السلام ) ومن آمن معه بمكة فلم يزالوا بها حتى ماتوا ، وكان هود ( عليه السلام ) رجلاً تاجراً . فقال لهم : { ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ } ، ليس لكم إله يجب أن تعبدوه غيره ، { أَفَلاَ تَتَّقُونَ } . [ { قَالَ ٱلْمَلأُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَوْمِهِ } . أي ] : قال الأشراف والجماعة من قومه ، وهم الملأ من كفار قومه ، { إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ } ، أي : في ضلالة . وقيل : في جهل عن الحق والصواب . { وِإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ ٱلْكَاذِبِينَ } ، أي : في قوله : إني { رَسُولٌ مِّن رَّبِّ ٱلْعَٰلَمِينَ } ، كان ذلك ظناً منهم ليس على يقين ، فكفروا على الشك منهم . قال ( لهم ) : { يَٰقَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ } ، أي : ضلالة ، أي : جهل ، { وَلَٰكِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ ٱلْعَٰلَمِينَ } . وأصل السفة : رقة الحلم ، والطيش . وَذُكِّرَ في قوله : { لَيْسَ } ؛ لأنه مصدر ، وهو بمعنى السفه ، وقد فرق ، أيضاً ، بينه وبين الفعل . ثم قال لهم : { أُبَلِّغُكُمْ رِسَٰلٰتِ رَبِّي } . أي : أؤدي إليكم أمر ربي ونهيه . { وَأَنَاْ لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ } . أي : ناصح في ما آمركم به وأنهاكم عنه ، أمين على وحي ربي ورسالاته . ثم قال موبخاً لهم : { أَوَ عَجِبْتُمْ أَن جَآءَكُمْ ذِكْرٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَلَىٰ رَجُلٍ مِّنكُمْ } . أي : على لسان رجل منكم . { لِيُنذِرَكُمْ } ، أمر الله . ثم قال : { وَٱذكُرُوۤاْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَآءَ مِن بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ } . أي : اذكروا نعمة الله عليكم إذ استخلفكم في الأرض ، بعد قوم نوح . فاتقوا أن يصيبكم ( مثل ) ما أصابهم ، واذكروا نعمته إذ { زَادَكُمْ فِي ٱلْخَلْقِ بَصْطَةً } ، أي : زاد في أجسامكم طولاً وعظماً على أجسام قوم نوح . وقيل : على أجسام آبائكم الذين ولدوكم . قال زيد بن أسلم : لقد بلغني أن ضباعاً رُئِيت رابضة وأولادها في حجاج عين رجل منهم . قال : ولقد بلغني أنه كان في الزمن الأول تمضي أربع مائة سنة ، وما يسمع فيه بجنازة . ثم قال : { فَٱذْكُرُوۤاْ ءَالآءَ ٱللَّهِ } . أي : نعمه عليكم . { لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } . أي : لتكونوا على رجاء من الفلاح . قال السدي : كانت عاد باليمن ، بالأْحقَاف . فكانوا قد قهروا أهل الأرض بفضل قوتهم . وكانوا أصحاب أوثان يعبدونها ، وهي " صُدَاء " ، و " صَمُود " و " اللهنا " ، أسماء أصنامهم ، فبعث الله ( عز وجل ) / إليهم هوداً ، وهو من أوسطهم نسباً ، فأمرهم أن يوحدوا الله ( تعالى ) ، ولا يجعلوا مع الله إلهاً غيره ، وأن يكفوا عن ظلم الناس ، لم يأمرهم بغير ذلك فأبوا ( تصديقه ) وكذبوه وقالوا : { مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً } [ فصلت : 15 ] ، واتبعه منهم ناس يسير مستترون بإيمانهم . قال السدي : فبعث الله ( عز وجل ) عليهم الريح العقيم ، فلما نظروا إليها : قالوا : { هَـٰذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا } [ الأحقاف : 24 ] ، فلما دنت منهم ، نظروا إلى الإبل والرجال تطير بهم الريح بين السماء والأرض ، فلما رأوها ، تبادروا البيوت ، فلما دخلوا البيوت ، دخلت عليهم فأهلكتهم فيها ، ثم أخرجتهم من البيوت ، فأصابتهم في يوم نحس مستمر عليهم العذاب { سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً } [ الحاقة : 7 ] ، أي : حسمت كل شيء مرت به . فكانوا : كأعجاز نخل منقعر ، أي : انقعر من أصوله ، وكأعجاز نخل خاوية ، أي : خوت فسقطت ، فلما أهلكهم الله ( عز وجل ) أرسل عليهم طيراً سوداً ، فنقلتهم إلى البحر وألقتهم [ فيه ، فذلك قوله : ] { فَأْصْبَحُواْ لاَ يُرَىٰ إِلاَّ مَسَاكِنُهُمْ } [ الأحقاف : 25 ] ، ولم يخرج ريح قط إلا بمكيال ، إلا يومئذ ، فإنها عتت على الخزنة فغلبتهم ، فلم يعلموا كم كان مكيالها ، فذلك قِوله : { فَأُهْلِكُواْ بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ } [ الحاقة : 6 ] ، أي : عتت على الخزنة . و " الصرصر " : التي لها صوت شديد .