Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 79, Ayat: 15-46)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
- قوله تعالى : { هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَىٰ } ، إلى آخر السورة . أي : هل سمعت يا محمد حديث موسى بن عمران وخبره ؟ - { إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِٱلْوَادِ ٱلْمُقَدَّسِ } . أي : المطهر المبارك . - وقوله : { طُوًى } . قال مجاهد : ( هو ) اسم الوادي . وقاله ابن زيد . فمن صرفه على هذا جعله ( اسما لمُذكّر ) ، اسماً لمكان . ومن لم يصرفه جعله اسماً للبقعة . وقال قتادة : " { طُوًى } : كنا نحدث أنه قدس مرتين " . قال : " واسم الوادي : طُوى " . وقال ابن جريج عن مجاهد : { طُوًى } أي طاء الأرض حافياً . - وقوله : { ٱذْهَبْ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ } . أي : ناداه ربه ، فقال له : اذهب إلى فرعون ، إنه تجاوز حده في العدوان والتكبر على ربه وعتا ، فقل له . { هَل لَّكَ إِلَىٰ أَن تَزَكَّىٰ } . أي : هل لك يا فرعون في أن تتطهر من دنس ( الكفر ) وتؤمن بربك ؟ قال ابن زيد : ( [ تز ] كى ) : تسلم . قال : والتزكي في القرآن كله : الإسلام . وقال عكرمة : { إِلَىٰ أَن تَزَكَّىٰ } ، أي : تقول لا إله إلا الله وحده لا شريك له . - ثم قال : { وَأَهْدِيَكَ إِلَىٰ رَبِّكَ فَتَخْشَىٰ } . أي : وهل لك إلى أن أرشدك إلى ما يرضى به ربك عنك ، فتخشى عقابه بأداء ما ألزمك من فرائضه واجتناب معاصيه ؟ - ثم قال تعالى : { فَأَرَاهُ ٱلآيَةَ ٱلْكُبْرَىٰ } . أي : فأرى موسى فرعون الآية العظيمة الكبيرة ، وهي في قول الحسن ومجاهد وقتادة : يده وعصاه . أخرج يده بيضاء للناظرين ، وحَوّل عصاه ثعباناً مبيناً . وقال ابن زيد : هي العصا . - ثم قال تعالى : { فَكَذَّبَ وَعَصَىٰ } . أي : فكذب فرعون موسى فيما أتى به من الآيات المعجزات ، وعصاه فيما أمره به من طاعة الله والإيمان به . - وقوله : { ثُمَّ أَدْبَرَ ( يَسْعَىٰ ) } . أي : ثم ولى معرضاً عما [ دعا إليه ] موسى . قال مجاهد : { ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَىٰ } ، أي : " يعمل الفساد " . وقيل : [ معناه ] أدبر هارباً من الحية . - وقوله : { فَحَشَرَ فَنَادَىٰ } . أي : فجمع قومه فنادى فيهم فقال لهم : { أَنَاْ رَبُّكُمُ ٱلأَعْلَىٰ } ، تمرداً على الله وطغياناً . - ثم قال تعالى : { فَأَخَذَهُ ٱللَّهُ نَكَالَ ٱلآخِرَةِ وَٱلأُوْلَىٰ } . قال ابن عباس ومجاهد والشعبي : الأولى ، قوله : { مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرِي } [ القصص : 38 ] ، والآخرة : قوله : { أَنَاْ رَبُّكُمُ ٱلأَعْلَىٰ } . وكان بين الكلمتين أربعون سنة . وقاله ابن زيد . وقال أيضاً : معناه : عذاب الدنيا والآخرة ، عجل له الغرق مع ما أعدّ له في الآخرة من العذاب . وعن الحسن أنه قال : معناه : عذاب الدنيا والآخرة . وهو قول قتادة . وقال أبو رزين : الأولى عصيانه ربّه وكفْرُه ، والآخرة : قوله : { أَنَاْ رَبُّكُمُ ٱلأَعْلَىٰ } . وعن مجاهد أيضاً أن معناه : أخذه الله [ بأول عمله ] وآخره . " ونكالاً " مصدر من معنى " أخذه " ، [ لأن معنى " أخذه " ] نكّل به . - ثم قال تعالى : { إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِّمَن يَخْشَىٰ } . أي : إن في العقاب الذي عاقب الله به فرعون في عاجل الدنيا والآخرة عظةً ( و ) مُعتَبَراً لمن يخاف الله ويخشى عقابه . - ثم قال تعالى : { ءَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ ٱلسَّمَآءُ … } . هذا تقرير وتوبيخ للمكذبين للبعث ، القائلين : { أَإِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي ٱلْحَافِرَةِ * أَإِذَا كُنَّا عِظَاماً نَّخِرَةً } . يقول لهم : أأنتم أعظم خلقاً أم السماء [ التي ] بناها ربكم فرفعها سقفاً للأرض ؟ ! ( بل ) أنتم أهون خلقاً وأيسر ، فمن فعل ذلك فهو قادر على خلق ما هو أهون منه وأيسر ، فليس خلقكم بعد مماتكم بأصعب من خلق السماء ! ومعنى { بَنَاهَا } : رفعها فجعلها للأرض سقفاً . - ثم قال تعالى : { رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا } . ( أي : رفع السماء في الهواء { فَسَوَّاهَا } ) ، أي : جعلها مستوية لا شيء منها / أرفع من شيء ، ولا شيء منها أخفض من شيء . قال مجاهد : " رفع بناءها بغير عمد " . - ثم قال تعالى : { وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا } . أي : وأظلم ليلها ، أي ليل السماء . فأضاف الليل إلى السماء ، لأنه [ يأتي بغروب ] الشمس ويذهب بطلوعها ، والشمس في السماء . كما [ قيل ] : نجوم الليل . فأضاف النجوم إلى الليل إذ كان فيه طلوعها وغروبها . - وقوله : { وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا } . أي : ضوء النهار . - ثم قال تعالى : { وَٱلأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا } . قال ابن عباس : خلق الله - جل ذكره - الارض بأقواتها من غير أن يدحوها ، ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سماوات ثم دحا الأرض بعد ذلك . وقال عكرمة عنه : وضع الله البيت على الماء على [ أربعة ] أركان قبل أن [ يخلق ] السماء بألفي عام ، ثم دحيت الأرض من تحت البيت . وقال مجاهد : معناه : والأرض مع ذلك دحاها ، بمنزلة قوله : { عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ } [ القلم : 13 ] ، أي : مع ذلك . وروي مثل ذلك عن السدي . والدحو في كلام العرب : البسط والمد . قال قتادة والسدي : { دَحَاهَا } " بسطها " . وقيل معناه : والأرض قبل ذلك دحاها ، أي : قبل خلق السماوات ، لأنه قال في موضع آخر : { قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِٱلَّذِي خَلَقَ ٱلأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ } [ فصلت : 9 ] ، ( ثم قال ) : { وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا [ وَقَدَّرَ فِيهَآ ] أَقْوَاتَهَا فِيۤ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَآءً لِّلسَّآئِلِينَ } [ فصلت : 10 ] ، ثم قال : { ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ إِلَى ٱلسَّمَآءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلأَرْضِ … } [ فصلت : 11 ] . - وقوله : { أَخْرَجَ مِنْهَا مَآءَهَا وَمَرْعَاهَا } . أي : فجّر فيها الأنهار وأنبت نباتها . - ثم قال تعالى : { وَٱلْجِبَالَ أَرْسَاهَا } . أي : أثبتها في الأرض . والتقدير : والجبال أرساها ( فيها ، وحذف فيها لدلالة الكلام عليه . قال قتادة : { أَرْسَاهَا } ) : أثبتها لئلاّ تميل بأهلها . وروى أبو عبد الرحمن السلمي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال : لما خلق الله الأرض فَمَضَت وقَالت : أتخلق آدم وذرياته يُلقُون عَلَيّ نَتْنَهم ويعملون عَلَيّ بالخطايا ؟ ! فأرساها الله بالجبال ، فمنها ما ترون ومنها ما لا ترون ، وكان أول قرار الأرض كلحم الجزور إذا نُحِرت يختلج لحمها . - ثم قال تعالى : { مَتَاعاً لَّكُمْ وَلأَنْعَامِكُمْ } . أي : منفعة لكم ومتعة إلى حين . وتقديره : متعكم الله به متاعاً . - ثم قال تعالى : { فَإِذَا جَآءَتِ ٱلطَّآمَّةُ ٱلْكُبْرَىٰ } . يعني : قيام الساعة . والطامة : اسمٌ من أسماء يوم القيامة ، يقال : طَمَّ الأمرُ : إذا ارتفع وعظم . ويقال : طمت الطامة وصخت الصاخة : للداهية . - ثم قال تعالى : { يَوْمَ يَتَذَكَّرُ ٱلإِنسَانُ مَا سَعَىٰ } . أي : فإذا قامت القيامة في يوم يتذكر الإنسان فيه ما عمل في الدنيا من خير وشر ، وذلك [ إذا قرأ كتابه ] . - ثم قال : { وَبُرِّزَتِ ٱلْجَحِيمُ لِمَن يَرَىٰ } . أي : أظهرت لمن يراها . - ثم قال تعالى : { فَأَمَّا مَن طَغَىٰ } . أي : عتا على ربه ، واستكبر وآثر ( مُتَعَ ) الحياة الدنيا على الآخرة ، فعمل للدنيا وترك العمل للآخرة . - { فَإِنَّ ٱلْجَحِيمَ هِيَ ٱلْمَأْوَىٰ } . أي : هي مصيره ، والتقدير : هي المأوى له . وقيل : التقدير : هي مأواه . - ثم قال تعالى : { وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ } . أي : خاف مسألة ربه إياه عند وقوفه يوم القيامة بين يديه فاتقاه بأداء فرائضه وطاعته واجتناب محارمه ، ونهى نفسه [ عن ] هواها ، فإن الجنة هي مأواه . - ثم قال تعالى : { يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلسَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَٰهَا } . أي : يسألك - يا محمد هؤلاء [ المكذبون بالبعث ] عن الساعة متى قيامها ، فرسُّو الساعة قيامها ، وليس قيامها كقيام القائم ، إنما هو بمنزلة قولهم : قد قام العدل ، وقد قام الحق . - ثم قال تعالى : لنبيه : { فِيمَ أَنتَ مِن ذِكْرَٰهَا } . أي : في أي شيء أنت من ذكر الساعة والبحث عنها ؟ ! روي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : " لَمْ يَزَلِ النّبيّ صلى الله عليه وسلم يُكثِرُ ذِكرَ السّاعةِ [ والسّؤالَ ] عَنْها حتّى نَزَلت هذه الآية " . - وقوله : { إِلَىٰ رَبِّكَ مُنتَهَٰهَآ } . أي : منتهى علمها ، أي : لا يعلم وقت قيامها غيره . - ثم قال تعالى : { إِنَّمَآ أَنتَ مُنذِرُ مَن يَخْشَٰهَا } . أي : إنما أنت - يا محمد - رسولٌ مبعوث تنذر بالساعة من يخاف عقاب الله ، ولم [ تكلّف ] علم وقت قيامها . - ثم قال تعالى : { كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوۤاْ إِلاَّ عَشِيَّةً أَوْ / ضُحَٰهَا } . أي : كأن هؤلاء المكذبين بالساعة يوم يرون الساعة قد قامت لم يلبثوا في الدنيا إلا عشية يوم أو ضُحى تلك العشية . والعرب تقول : " أتيتك العشية أو غداتها " ، أو " آتيك الغداة أو عشيتها " ، أي : كأن هؤلاء القوم المكذبين إذا رأوا قيام الساعة وهولها وعظيم أمرها لم يلبثوا إلا عشية يوم أو غداة يوم . روي أنهم يخفتون في قبورهم [ خفتة ] قبل بعثهم ، [ فعلى ] هذا [ يقولون ] : لبثنا يوماً أو بعض يوم ، ويظنون أنهم لم يلبثوا إلا عشية ( يوم ) أو ضحى يوم .