Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 8, Ayat: 1-1)

Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلأَنْفَالِ } إلى قوله : { مُّؤْمِنِينَ } . قال أبو حاتم : الوقف على { ذَاتَ } بـ : " الهاء " ، وكل العلماء قال : بـ : " التاء " ؛ لأَنَّها مُضَافَةٌ ، ولا يحسن الوقف عليها البتة إلا عن ضرورة . وقرأ سعد بن أبي وقاص : " يسئلونك الأنفال " ، بغير { عَنِ } . والمعنى : يسألك أصحابك ، يا محمد ، عن الغنائم التي غنمتها يوم بدر ، لمن هي ؟ فقيل للنبي ، صلى الله عليه وسلم : قل يا محمد : هي لله والرسول . و { ٱلأَنْفَالِ } : الغنائم . بذلك قال عكرمة ، ومجاهد ، وابن عباس ، وقتادة ، وابن زيد ، وعطاء . فأكثر العلماء الذين جعلوها : الغنائم ، على أنها منسوخة بقوله : { وَٱعْلَمُوۤا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ للَّهِ خُمُسَهُ } [ الأنفال : 41 ] ، الآية . وقيل : { ٱلأَنفَالُ } هي زِيَادَاتٌ تزيدها الأئمة لمن شاء ، إذا كان في ذلك صلاح للمسلمين ، فهي مُحْكَمَةٌ . وروي ذلك عن ابن عمر ، وعن ابن عباس . وقيل { ٱلأَنْفَالِ } : ما شذَّ من العدو ، من عبد أو دابة ، للإمام أن يُنْفِلَ ذلك من شاء إذا كان ذلك صلاحاً . قاله الحسن . { ٱلأَنفَالُ } : جمع " نَفَلٍ " ، و " النَّفَلُ " : الغنيمة ، سميت بذلك ، لأنها تَفَضُّلٌ من الله ، عز وجل ، على هذه الأمة ، لم تحل لأحد قبلها . وقوله : { قُلِ ٱلأَنفَالُ لِلَّهِ } ، يَدُلُّ على أنهم سألوا لمن هي . وقوله : { فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ } ، يَدُلُّ على أن سؤالهم كان بعد تَنَازُعٍ فيها . وقيل { ٱلأَنْفَالِ } : السَّرايا . قاله علي بن صالح . وقال مجاهد { ٱلأَنْفَالِ } : الخُمُسُ . وهذه الآية نزلت في غنائم بدر ، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم ، زَادَ قَوْماً لِبَلاَءٍ أَبْلَوْا ، فاختلفوا فيها ، بعد تَقَضِّي الحرب ، فنزلت الآية تعلمهم أنَّ ما فعل النبي صلى الله عليه وسلم ، ماضٍ جائز . وروى ابن عباس ( رضي الله عنه ) ، أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قال : " من أتى مكان كذا ، وفعل كذا ، فله كذا " ، فتسارع الشبان ، وبقي الشيوخ ، فلما فتح الله عليهم ، طلب الشبان ما جعل لهم النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال الأشياخ : لا يذهبوا بذلك دوننا ! فأنزل الله ، عز وجل : { فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ } الآية . وقيل : إن النبي صلى الله عليه وسلم ، سُئِلَ شيئاً من الغنائم قبل أن تقسم فامتنع من ذلك ، فنزلت : { قُلِ ٱلأَنفَالُ لِلَّهِ وَٱلرَّسُولِ } ، فرخّص الله ، عز وجل ، له أن يعطي مَنْ أَرَادَ . و [ قيل ] : إنهم سألوه الغنيمة يوم بدر ، فَأُعْلِمُوا أن ذلك لله والرسول . و { عَنِ } في موضع : " مِنْ " . وقرأ ابن مسعود على هذا التأويل : " يسئلونك الانفال " . وذكر ابن وهب : " أنها نزلت في رجلين أصابا سيفاً من النَّفْلِ ، فاختصما فيه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " هُوَ لي وَلَيْسَ لَكُمَا " ، فنزل : { قُلِ ٱلأَنفَالُ لِلَّهِ وَٱلرَّسُولِ } ، وأمر الرجلين أن يصلحا ذات بينهما ، وأن يطيعا الله ورسوله في ما أمرهما به النبي صلى الله عليه وسلم " ، / من دفع السيف إليه ، ثم نُسِخَ ذلك بقوله : { وَٱعْلَمُوۤا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِّن شَيْءٍ } الآية . وَرُوِيَ أن الرجلين اللذين اختصما في السيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، : سعد بن مالك بن وُهَيْب الزُّهري ، ورجل من الأنصار ، فَأُمِرا في الآية أن يسلماه إلى النبي ، صلى الله عليه وسلم ، وأن يصلحا ذات بينهما ، وأن يطيعا الله ورسوله فيما يأمرانهما من تسليم السيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وغير ذلك . وقيل : إن أَهْلَ القُوّة يوم بدر غنموا أكثر مما غنم أَهْلُ الضُّعْفِ ، فذكروا ذلك لرسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، فَنَزَلَتْ : { فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ } . وقيل : إنهم اختلفوا في الغنائم ، فَنَزَلَتْ : { فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ } . " والبَيْنُ " هنا : " الوَصْلُ " . أُمِروا بصلاح وصلهم ، وألا يتقاطعوا في الاختلاف على الغنائم ، كأنه قال : كونوا مُجْتَمِعِي القُلُوب . وأُنِثَتْ { ذَاتَ } ؛ لأنه يراد بها الحال التي هم عليها . وذكر إسماعيل القاضي : أنهم اختلفوا ثلاث فرق ، فقالت فرقة اتبعت العدو : نحن أولى بالغنائم ، وقالت فرقة حَفَّت بالنبي صلى الله عليه وسلم ، نحن أولى ، وقالت فرقة أحاطت بالغنائم ، نحن أولى ، فأنزل الله ، تعالى ، الآيات في ذلك .