Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 9, Ayat: 17-18)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَن يَعْمُرُواْ مَسَاجِدَ اللهِ } ، إلى قوله : { ٱلْمُهْتَدِينَ } . والمعنى : ما ينبغي للمشركين أن يعمروا مساجد الله ؛ لأنهم ليسوا ممن يذكر الله ، والمساجد إنما بنيت لذكر الله والصلاة ، فليس لهم أن يعمروها . { شَاهِدِينَ عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ } . فيه ثلاثة تأويلات . أحدها : أن فيما يقولونه ويفعلونه دليل على كفرهم ، كما يدل على إقرارهم ، فكأنَّ ذلك منهم شهادتهم على أنفسهم . قاله الحسن . والثاني : شهادتهم على رسولهم بالكفر ؛ لأنهم كذبوه وأكفروه وهو من أنفسهم . قاله الكلبي . والثالث : ما ذكره في الكتاب ، وهم يشهدون على أنفسهم بالكفر ؛ لأنهم يقال للرجل منهم : أيش أنت ؟ فيقول : نصراني ، يهودي ، صابئ ، مشرك . { أُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ } . في الدنيا ، أي : بطلت وذهبت ، إذ لم تكن لله ، عز وجل ، وكانت للشياطين . { وَفِي ٱلنَّارِ هُمْ خَالِدُونَ } . أي : ماكثون أبداً ، لا أحياءً ولا أمواتاً . ومن قرأ : { مَسَاجِدَ اللهِ } بالتوحيد ، عَنَى به : المسجد الحرام ، ودليله قوله : { فَلاَ يَقْرَبُواْ ٱلْمَسْجِدَ ٱلْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَـٰذَا } [ التوبة : 28 ] ، وقوله : { وَعِمَارَةَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ } [ التوبة : 19 ] . ومن جمع ، أراد : جميع المساجد ، ودليله قوله : { إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ ٱللَّهِ } فجمع ولم يُخْتَلفْ فِيهِ . والجمع : يستوعب المسجد الحرام وغيره ، والتوحيد : يخص المسجد الحرام وحده ، ولا يجوز لمن وَحَّدَ أن يريد به الجنس ؛ لأنه مضاف ، والمضاف موقت محدود . ثم قال : { إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ ٱللَّهِ مَنْ آمَنَ بِٱللَّهِ } . أي : إنما يعمرها من صدق بالله ورسوله ، وما أتت به الرسل . { وَأَقَامَ ٱلصَّلاَةَ وَآتَىٰ ٱلزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ ٱللَّهَ فَعَسَىٰ أُوْلَـٰئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ ٱلْمُهْتَدِينَ } ، ( أي ) : فحقيق أن يكون من هذه صفته من المهتدين . وكل " عسى " في القرآن من الله فهي واجبة . ونزلت هذه الآية في قريش ؛ لأنهم كانوا يفتخرون ، فيقولون : نحن أهل الحَرَم وسقاة الحاجِّ ، وعُمّار هذا البيت ، فأنزل الله عز وجل ، صِفة من يجب أن يعمر مساجد الله ، سبحانه .