Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 9, Ayat: 43-44)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { عَفَا ٱللَّهُ عَنكَ } ، إلى قوله : { بِٱلْمُتَّقِينَ } . " النون " من : { عَنكَ } ، وحيث ما سكنت مع " الكاف " وأخواتها خرجت بغُنّة من الخياشيم . والمعنى : { عَفَا ٱللَّهُ عَنكَ } ، يا محمد ، ما كان من ذنبك في أن أذنت لهم . وقيل المعنى : إنه افتتاح كلام بمنزلة : " أصلحك الله " و " أعزك الله " . وقال الطبري : هذا عِتابٌ من الله ، عز وجل لنبيه عليه السلام ، في إذنه لمن أذن له من المنافقين في التخلف عنه في غزوة تبوك ، حتى يعلم الصادق منهم من الكاذب في قولهم : { لَوِ ٱسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ } ، فيعلم من له عذر ومن لا عذر له ، فيتبين لك الصادق من الكاذب ، ويكون إذنك على علم بهم . ثم أرخص الله ، عز وجل ، له الإذن في سورة " النور " فقال : { فَإِذَا ٱسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَن لِّمَن شِئْتَ مِنْهُمْ } [ النور : 62 ] . قال بعضُ المفسرين : اثنين فعل رسول الله عليه السلام ، لم يؤمر فيهما بشيء : إذنه للمنافقين في التخلف عن غزوة تبوك ، وأخذه من الأسارى الفداء . ومن قال هو افتتاح كلام ، وقف على : { عَفَا ٱللَّهُ عَنكَ } . ومن قال هو عتاب ، لم يقف عليه . وقال محمد بن عرفة نفطويه : ذهب ناس إلى [ أنّ ] النبي صلى الله عليه وسلم مُعاتبٌ بهذه الآية ، وحاشاه من ذلك ، بل كان له أن يفعل وأن لا يفعل حتى ينزل عليه الوحي ، كما قال : " لَوْ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ لجَعَلْتُهَا عُمْرةً " ؛ لأنه كان له أن يفعل وأن لا يفعل ، وقد قال له الله : { تُرْجِي مَن تَشَآءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِيۤ إِلَيْكَ مَن تَشَآءُ } [ الأحزاب : 51 ] ، لأنه كان له أن يفعل ما شاء ، فلما كان له أن يفعل ما شاء مما لم ينزل عليه فيه وحي ، واستأذنه المتخلفون في التخلف واعتذروا ، اختار أيسر الأمرين تكرماً وتفضلاً منه ، صلى الله عليه وسلم ، فأبان الله ، عز وجل أنه لو لم يأذن لهم لأقاموا ، للنفاق الذي في قلوبهم ، وإنهم كاذبون في إظهار الطاعة له والمشاورة . فـ : { عَفَا ٱللَّهُ عَنكَ } ، عنده افتتاح كلام ، أعلمه الله عز وجل ، به أنه لا حرج عليه فيما فعل من الإذن ، وليس هو عفواً عن ذنب ، إنما هو أنه تعالى أعلمه أنه لا يلزمه بترك . الإذن لهم ، كما قال عليه السلام : " عَفَا اللهُ لَكُمْ عَنْ صَدَقَةِ الخَيْلِ والرَّقِيقِ وَمَا وَجَبَتَا قَطُّ " ومعناه : ترك أن يلزمكم ذلك . قوله : { لاَ يَسْتَأْذِنُكَ ٱلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ } الآية . أجاز سيبويه في : { أَن يُجَاهِدُواْ } ، أن تكون { أَن } : في موضع جر على حذف الجار ، قال : لأنَّ حذف حرف الجر جائزٌ مع ظهور " أن " ، ألا ترى أنك لو جعلت مع " أنْ " والفعل : المصدر ، لم يجز حذف الجر ، لا يجوز : " لا يستأذنك القوم / الجهاد " ، حتى تقول : " في الجهاد " ويجوز ذلك مع " أن " . ومعنى ذلك أن الله عز وجل ، أعلم نبيه عليه السلام ، بسيما المنافقين وأن من علاماتهم الاستئذان في التخلف لئلا يجاهدوا في سبيل الله ، ومن علامات المؤمنين أنهم لا يستأذنون في ذلك . وقيل المعنى : { لاَ يَسْتَأْذِنُكَ ٱلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ } في القعود عن الجهاد .