Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 93, Ayat: 1-11)
Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { وَٱلضُّحَىٰ * وَٱللَّيْلِ إِذَا سَجَىٰ } إلى آخرها . أقسم الله جل ذكره بالضحى ، وهو النهار كله عند الفراء . وعند غيره : هو أول ( النهار ) ، قال قتادة : الضحى : " ساعة من ساعات النهار " ، والمعنى : ورب الضحى ، وخالق الضحى ، ونحوه . وقوله : { إِذَا سَجَىٰ } قال ابن عباس : { سَجَىٰ } : أقبل . وعنه أيضاً : " سجى " : ذهب . وقال مجاهد : { سَجَىٰ } استوى . وقال قتادة : { سَجَىٰ } : " سكن بالخلق " . وقال الضحاك : { سَجَىٰ } : استقر وسكن . وهو قول ابن زيد . ثم قال تعالى : { مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ / وَمَا قَلَىٰ } . هذا جواب القسم ، أي : ما تركك ربك يا محمد وما أبغضك . فالمفعول من " قلى " محذوف . وروي أن الوحي أبطأ على النبي صلى الله عليه وسلم فقالت قريش : قد ودع محمداً ربه وقلاه ، فأنزل الله جل ذكره : { مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ / وَمَا قَلَىٰ } . وروى هشام بن عروة عن أبيه أنه قال : أبطأ جبريل عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فقالت له خديجة : أحسب ربك قد [ قلاك ] ، فأنزل الله : { وَٱلضُّحَىٰ } إلى آخرها . وقال ابن عباس : أري النبي صلى الله عليه وسلم ما هو مفتوح على أمته ، فسر بذلك ، فأنزل الله { وَٱلضُّحَىٰ } إلى قوله : { وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَىٰ } ( قال ) فأعطاه الله ألف قصر في الجنة ، ترابها المسك في كل قصر ما ينبغي ( له ) من الأزواج والخدم . ثم قال تعالى : { وَلَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ ٱلأُولَىٰ } أي : ولنعيم الآخرة خير لك من نكد ( الدنيا ) . ( ثم ) قال تعالى : { وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَىٰ } أي : ولسوف يعطيك يا محمد ربك في الآخرة من فواضل نعمه حتى ترضى . قال ابن عباس : عرض على النبي صلى الله عليه وسلم ما هو مفتوح على أمته من بعده ، فسر بذلك ، فانزل الله : { وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَىٰ } ، قال : فأعطاه ( الله ) ألف قصر من لؤلؤ ترابها المسك ، وفيها ما يصلحها . وعن ابن عباس أنه قال : ما رضي محمد صلى الله عليه وسلم أن يدخل أحد من أهل بيته النار . وروى جابر بن عبد الله " أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على بنته فاطمة وعليها كساء ( من [ جلة ] ) الإبل وهي تطحن بيدها ، فلما رآها دمعت عيناه ، وقال : يا فاطمة ، تعجلي مرارة الدنيا لحلاوة الآخرة ، فأنزل الله : { وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَىٰ } " . [ وروي عن بعض أن النبي صلى الله عليه وسلم [ قال ] : " ليس في القرآن أرجى من قوله : { وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَىٰ } ] ، ولا يرضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يدخل أحد من أمته النار " . هذا معنى قوله المروي عنه . ثم قال تعالى : { أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَىٰ } . أي : كنت يا محمد يتيماً في حجر عمك أبي طالب فجعل الله لك مأوى تأوي إليه ، ومنزلاً تنزله . وقيل : كنت يتيما فآواك إلى عمك أبي طالب . { وَوَجَدَكَ ضَآلاًّ فَهَدَىٰ } . أي : ووجدك على غير الذي أنت عليه اليوم فهداك ( للذي أنت عليه . وقيل : وجدك ضالاً عن النبوة فهداك إليها . وقال الفراء : معناه ووجدك في قوم ضلال فهداك ) للإيمان . وقيل : ضالاً عن الشريعة . وقيل : ضالاً ، أي : منسوباً إلى الضلالة . وقيل : معنى فهدى : فبين أمرك بالبراهين . ثم قال تعالى : { وَوَجَدَكَ عَآئِلاً فَأَغْنَىٰ } . أي : فقيراً فأغناك ، يقال : عال يعيل عيلة : إذا افتقر ، وأعال يعيل : إذا كثر عياله . وفي مصحف عبد الله : " ووجدك عديماً فأغنى " . وهذه كلها نعم من الله على النبي صلى الله عليه وسلم يذكره بها وينبهه على شكرها ويعددها عليه ليذكرها . ثم قال تعالى : { فَأَمَّا ٱلْيَتِيمَ فَلاَ تَقْهَرْ } . أي : لا تظلمه فتذهب بحقه استضعافاً منك له . قال قتادة : { فَلاَ تَقْهَرْ } : فلا تظلم . وفي مصحف عبد الله : " فلا تكهر " . وقال الأخفش : هما لغتان بمعنى ، وقال غيره : معنى [ تكهر ] : لا تشدد عليه . ثم قال تعالى : { وَأَمَّا ٱلسَّآئِلَ فَلاَ تَنْهَرْ } . أي : وأما من سألك من ذوي الحاجة فلا تنهره ، ( ولكن أعطه ، أو رده رداً جميلاً . قال مجاهد : " فلا تنهر " : فلا تغضبه . [ قال الحسن : ليس سائل الطعام والشراب ، ولكنه سائل العلم إذا أتاك ، فأنزل الله كيف ، ليفهم عنك وتفهم عنه ] . ثم قال تعالى : { وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ } . قال مجاهد : بنعمة ربك فحدث ، أي : بالنبوة التي أعطاكها ، فاذكره . قال [ أبو نضرة ] : " كان المسلمون يرون أن من شكر النعم أن يحدث بها " . وفي الحديث : " إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده " . فالمعنى : وأما بنعمة ربك يا محمد فحدث الناس بها وأظهرها وأحمد الله عليها ، فإن ذلك من الشكر ، وهو لفظ خاص للنبي صلى الله عليه وسلم ، ( عام ) في جميع أمته .