Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 94, Ayat: 1-8)

Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله تعالى : { أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ } إلى آخرها . هذه ألف استفهام في اللفظ ومعناها التوقيف على النعم والآلاء ، والمعنى : ألم نلين لك يا محمد صدرك ونوسعه لك للهدى ووعي الحكمة وقبول الإيمان ؟ ومعنى : نشرح : [ نفسح ] ونوسع . وروي أنها [ لما ] نزلت قيل : " يا رسول الله ، أينشرح الصدر ؟ قال : نعم / [ وينفسح ] . قالوا : يا رسول الله ، ألذلك علامة ؟ قال : نعم ، التجافي عن دار الغرور ، والإنابة إلى دار الخلود ، والإعداد للموت قبل نزول الفوت " . والصدر محل العلم والقرآن ، بدليل قوله : { بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ } [ العنكبوت : 49 ] . والمراد به القلب ، لأنه وعاء الفهم ( والعلم ) . ولكن ذكر الصدر لقربه من القلب وامتزاجه به . ثم قال تعالى : { وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ } . أي : وغفرنا لك ما سلف من ذنبك ، فحططنا عنك ثقل آثام الجاهلية . وفي قراءة عبد الله : وحللنا عنك ذنبك . { ٱلَّذِيۤ أَنقَضَ ظَهْرَكَ } أي : [ أثقل ] ظهرك وأوهنه . قال قتادة : كانت للنبي صلى الله عليه وسلم ذنوب أثقلته ، فغفرها الله عز وجل له ، يعني بذلك : ما كان قبل أن ينبأ . وهو قول ابن زيد . ثم قال تعالى : { وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ } . أي : لا أذكر إلا ذكرت معي . وذلك قول المؤمنين : لا إله إلا الله ، محمد رسول الله . قال مجاهد : ( وهو ) قول المؤذن : أشهد أن لا إله [ إلا الله ] ، وأشهد أن محمداً رسول الله . وقال قتادة : ورفعنا لك ذكرك في الدنيا والآخرة ، فليس خطيب ولا متشهد ولا صاحب صلاة إلا يقول : أشهد ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله . وروى أبو سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " أتاني جبريل [ عليه ] السلام فقال : إن ربي وربك يقول : كيف رفعت ( ذكرك ) ؟ قال : الله ( أعلم ، ( قال ) : إذا ذكرت ذكرت معي " . ثم قال تعالى : { فَإِنَّ مَعَ ٱلْعُسْرِ يُسْراً } . أي : فإن مع الشدة التي ) أنت فيها من جهاد قومك رخاء وفرجاً بأن يظفرك الله بهم حتى ينقادوا إلى الحق أو السيف . ولما نزلت هذه الآية ، بشر النبي صلى الله عليه وسلم ( بها ) أصحابه وقال : لن يغلب عسر يسرين . قال الحسن : " قال صلى الله عليه وسلم لأصحابه : " أبشروا ، أتاكم اليسر ، لن يغلب عسر يسرين " . قال ابن مسعود : " لو دخل العسر في جحر لجاء اليسر حتى يدخل عليه " ، ثم قرأ الآية . وإنما كان هذا ، لأن العسر ( الأول بالألف واللام ، ثم كرر كذلك ، فهو واليسر نكرة ، فلما كرر كان الثاني غير الأول ، فصار العسر ) واحداً ، واليسر يسرين . وقد قيل : إن معنى التكرير التوكيد . وقيل : الأول للحال ، والثاني للاستقبال . ثم قال : { فَإِذَا فَرَغْتَ فَٱنصَبْ * وَإِلَىٰ رَبِّكَ فَٱرْغَبْ } . قال ابن عباس : معناه : فإذا فرغت من صلاتك فارغب إلى ربك في الدعاء ، وانصب إليه . وقال مجاهد : معناه : فإذا قمت إلى صلاتك فانصب في حاجتك إلى ربك . وقال الضحاك : فإذا فرغت من صلاتك المكتوبة قبل أن تسلم فانصب . [ وقال ] قتادة : أمره تعالى إذا فرغ من صلاته أن يبالغ في دعائه . وقال الحسن : معناه : إن الله أمر نبيه إذا فرغ من جهاد عدوه أن يجتهد في الدعاء والعبادة . وهو قول ابن زيد . وعن مجاهد أن معناه : فإذا فرغت من أمر دنياك فانصب في عبادة ربك . وقال ابن مسعود : فانصب في قيام الليل . فيكون هذا على قوله - منسوخاً بما نسخ قيام الليل . وقوله : { وَإِلَىٰ رَبِّكَ فَٱرْغَبْ } أي : واجعل رغبتك إلى ربك دون من سواه من خلقه . وعن مجاهد : " وإلى ربك فارغب " ، أي : " إذا قمت إلى الصلاة " . وقيل : معنى الآية : إذا فرغت من فرائضك فانصب في النوافل " وارغب " إلى ربك دون غيره .