Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 95, Ayat: 1-8)

Tafsir: al-Hidāya ilā bulūġ an-nihāya

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { وَٱلتِّينِ وَٱلزَّيْتُونِ } … إلى آخرها . قال الحسن : هو تينكم هذا الذي يؤكل ، وزيتونكم الذي يعصر . وهو قول عكرمة ومجاهد ، وهو اختيار الطبري . وقال كعب الأحبار : التين مسجد دمشق ، والزيتون بيت المقدس . وهو قول ابن زيد . وقال قتادة : التين : الجبل الذي عليه دمشق ، والزيتون : [ ( الجبل ) الذي عليه ] بيت المقدس . وعن ابن عباس أن " التين مسجد نوح ، والزيتون مسجد ( بيت المقدس " ) . وعن عكرمة أنهما جبلان بالشام . وقال محمد بن كعب : التين : مسجد أصحاب الكهف ، والزيتون : مسجد ) إيلياء . والتقدير على جميع هذه الأقوال : ورب التين والزيتون . وقوله : { وَطُورِ سِينِينَ } . قال قتادة : طور سينين : مسجد عيسى عليه السلام . وقال ابن عباس والحسن : هو الجبل ، وهو الطور . وقال عكرمة : الطور : الجبل ، و " سينين " : حسن في لغة الحبشة . وقال مجاهد : هو جبل . وكذلك روي عن عمر رضي الله عنه . وعن مجاهد أن " الطور " جبل ، و " سينين " : مبارك حسن . وقاله قتادة : وقال : هو " جبل بالشام ، مبارك حسن " . ويلزم على هذا التأويل / أن ينوّن طور ، [ لأنه لا يضاف إلى نعته ] . وقيل : { سِينِينَ } هو قوله : " طور سيناء " أتى بلغتين . والعرب تغير الأسماء الأعجمية . والطور في اللغة جبل نو النبات ، فيكون قد أضيف إلى سنين للتعريف . [ وبعيد ] أن يكون " سينين " نعتاً لـ " طور " . وكان الأخفش يقول : " طور " : الجبل ، " وسينين " : شجر ، [ واحده : سينينة ] . فكأنه قال : وجبل شجر . ثم قال تعالى : { وَهَـٰذَا ٱلْبَلَدِ ٱلأَمِينِ } . يعني : مكة ، والأمين : بمعنى الأمن ، أي : الأمن من أعدائه أن يحاربوا أهله ( فيه ) أو يغزوهم . وهو قوله : { أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا جَعَلْنَا حَرَماً آمِناً } [ العنكبوت : 67 ] . ثم قال : { لَقَدْ خَلَقْنَا ٱلإِنسَانَ فِيۤ أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ } . هذا جواب القسم ، والمعنى : لقد خلقنا الإنسان في أعدل خلق وأحسن صورة . وقيل : معناه : بلغنا به بعد خلقه استواء شبابه وقوته . وذلك أحسن ما يكون ، وأعدل ما يكون ، وأقوى ما يكون . وقال عكرمة : { فِيۤ أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ } هو " الشاب القوي الجلد " . وقيل : يعني بالإنسان ( ها ) هنا ( آدم ) في أحسن صورة . { ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ } يعني : الكافر من ولده . وعن ابن عباس أن معناه أنه خلق معتدلاً مقوماً ، وليس شيء من الحيوان إلا خلق منكباً على وجهه إلا الإنسان . وتقدير الكلام : لقد خلقنا الإنسان في تقويم أحسن تقويم ، ثم حذف الموصوف وقامت الصفة مقامه . ثم قال : { ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ } أي : إلى أرذل العمر من الكبر . [ قاله ] قتادة والضحاك والنخعي . وروي أنها نزلت في نفر ( كبروا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ) فسفهت عقولهم ، فسئل عنهم النبي صلى الله عليه وسلم ، فأنزل الله فيهم : { إِلاَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ } . أي : لهم أجرهم [ الذي ] عملوا قبل أن تذهب عقولهم ، ومثله جار عليهم بعد ذهاب عقولهم . وقال أبو العالية : معناه : ثم رددناه إلى النار في أقبح صورة ، في صورة خنزير . وهو قول مجاهد : والحسن وابن زيد . ويكون الاستثناء على هذا القول معناه : إلا الذين آمنوا فلهم الجنة . والإنسان : اسم للجنس ، فلذلك وقع الاستثناء منه . ويدل على أنه بمعنى الجماعة قوله : { أَسْفَلَ سَافِلِينَ } ولو أريد به الواحد لقال : " أسفل سافل " . تقول : " هذا أفضل قائم " ، ولا تقول : " أفضل قائمين " ، لأن المشار إليه واحد . ولو قلت : " هؤلاء أفضل قائمين " حسن ، لأن الأول جمع . وقال عكرمة : { أَسْفَلَ سَافِلِينَ } : أرذل العمر ، لكنه قال : من قرأ القرآن لم يرد إلى أرذل العمر . يريد : إذا قرأه وهو كبير هرم ، فلم يرد إلى أرذل العمر . واستدل على ذلك بقوله تعالى : { لِكَيْ لاَ يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئاً } [ النحل : 70 ] . ومن قرأ القرآن فهو عالم بأشياء ، فيكون قوله : " أسفل السافلين " على هذا القول الخاص من الناس . ولذلك ، استثنى منهم الذين آمنوا وعملوا الصالحات ، فإنهم لا يردون إلى أرذل العمر وإن كبروا وهرموا . وقيل : إن قوله : { إِلاَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ } استثناء منقطع ، بدلالة حسن " أن " مع " إلا " وتقديره : إلا ( أن ) الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم أجر غير ممنون بعد أن [ يردوا ] ( إلى ) أرذل العمر ، أي : أجرهم جار عليهم على مثال أعمالهم في صحتهم . قال ابن عباس : { إِلاَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ } الآية : هو إذا كان الرجل يعمل بطاعة الله جل وعز في شبابه كله ثم كبر حتى ذهب عقله ، كتب له مثل عمله الصالح الذي كان يعمل في شبيبته ، ولم يؤاخذ بشيء مما عمل في كبره وذهاب عقله من أجل أنه مؤمن كان يطيع الله في صحته وشبيبته . وقال إبراهيم : إذا بلغ المؤمن أرذل العمر ، كتب له أحسن ما كان يعمل في شبابه وصحته ، فهو قوله : { فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ } . وقال ابن عباس أيضاً : معناه : إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات ، فإنهم تكتب لهم حسناتهم ويتجاوز عن سيئاتهم ، وقال : هم الذين أدركهم الكبر . لا يؤاخذون بعمل عملوه في كبرهم وهم لا يعقلون . وروي في معنى هذا الاستثناء أن العبد إذا كان في شبابه كثير فعل الخير ، ثم كبر وضعف عما كان يعمل ، أجرى الله أجر ذلك العمل عليه تفضلاً منه . ومعنى : { غَيْرُ مَمْنُونٍ } : غير منقطع . وقيل : معناه لا يمن بذلك عليهم . والأول أحسن . وقال عكرمة : يوفيهم الله أجرهم ولا يؤاخذهم إذا ردوا إلى أرذل العمر . وقال قتادة : معناه : أن من أدركه الكبر والهرم وكان يعمل عملاً صالحاً ، كان له مثل أجره . وقال ابن عباس : { غَيْرُ مَمْنُونٍ } : غير منقوص . وقال مجاهد وإبراهيم : " غير [ محسوب ] " . وقيل : غير مقطوع . وقيل : لا يمن عليهم ( به ) . ثم قال تعالى : / { فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِٱلدِّينِ } . قال الفراء والأخفش : " ما " بمعنى " من " ، والتقدير : فمن يكذبك يا محمد بالجزاء والبعث بعد هذه الحجج والبراهين والآيات ؟ ! وهو اختيار الطبري . كأنه قال : فمن يقدر على تكذيبك - يا محمد - [ بأن ] الناس يدانون بأعمالهم ويجازون ويحاسبون . ؟ ! وقيل : " ما " على بابها . والمعنى : فما شيء يكذبك أيها المكذب ؟ ! أي : فأي شيء يحملك على التكذيب بالجزاء والبعث بعد ظهور الآيات والبراهين ؟ ! فيكون " يكذب - على هذين القولين - لغير النبي صلى الله عليه وسلم . وهو قول مجاهد ، وغيره . وقال قتادة : عني به النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو معنى القول الأول أنه خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم ، ومعناه : استيقن - مع ما جاءك من الله من البيان - أني الله أحكم الحاكمين . قال ابن عباس : ( معناه ) : أليس الله - يا محمد - بأحكم من حكم ؟ ! قال قتادة : ذكر لنا أن نبي الله عليه السلام كان إذا قرأ هذا قال : بلى ، وأنا على ذلك من الشاهدين ، ويقول " بلى " في آخر القيامة ، ويقول في آخر " والمرسلات " : آمنت بالله وبما أنزل . وقال بن جبير : كان يقول : " سبحانك اللهم ، وبلى " في آخر " والتين " .