Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 19, Ayat: 51-53)
Tafsir: Taʾwīlāt ahl as-sunna
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله - عز وجل - : { وَٱذْكُرْ فِي ٱلْكِتَابِ مُوسَىٰ } : هو ما ذكرنا في قوله : { وَٱذْكُرْ فِي ٱلْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ } [ مريم : 41 ] ، وقوله : { وَٱذْكُرْ فِي ٱلْكِتَابِ مَرْيَمَ } [ مريم : 16 ] - على قول الحسن - صلة قوله : { ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّآ } [ مريم : 2 ] ، أي : اذكر رحمة ربك موسى . وعلى قول غيره من أهل التأويل ، أي : اذكر لهم نبأ موسى وقصته في الكتاب ، وهو ما ذكرنا فيما تقدم . وقوله - عز وجل - : { إِنَّهُ كَانَ مُخْلِصاً } ، و { مُخْلِصاً } ، وقد قرئ بالنصب والخفض جميعاً : قال بعضهم : { مُخْلِصاً } : أخلصه الله واصطفاه واختاره لرسالته ونبوته . وقوله : { مُخْلِصاً } بالخفض ، أي : أخلص عبادته وتوحيده له . وقوله - عز وجل - : { وَكَانَ رَسُولاً نَّبِيّاً } . قال بعضهم : الرسول هو الذي ينبئ ويخبر عن التأويل . وقال بعضهم : الرسول هو الذي ينزل عليه الوحي والكتاب ، والنبي هو الذي ينبئ لا عن لسان ، وأصل النبي هو الذي ينبئ عن كل خير وبركة ، وسمي : نبيّاً ، لاجتماع خصال فيه ، كالصدِّيق لا يسمى إلا بعد اجتماع كل خصال الخير والبركة ما لو انفرد بكل خصلة من تلك الخصال سمّي : صادقاً ، فإذا اجتمع ذلك سمي : صدِّيقاً ، فعلى ذلك النبي سمي نبيّاً لاجتماع خصال [ فيه ] ، وهو ما روي في الخبر : " الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ جُزْءٌ مِنْ خَمْسةٍ وأَرْبَعِينَ جُزْءاً مِنَ النُّبوَّةِ " ، " والسَّمْتُ الحَسَنُ جُزْءٌ مِن خَمْسَةٍ وِعِشرِينَ جُزْءاً مِنَ النُّبوَّةِ " فهذا يدلّ أن النبي إنما سمي : نبيّاً ؛ لاجتماع خصال الخير والبركة فيه ، كما ذكرنا في الصديق ، والله أعلم . وقوله - عز وجل - : { وَنَادَيْنَاهُ مِن جَانِبِ ٱلطُّورِ ٱلأَيْمَنِ } ، فإن كان الأيمن من اليمن والبركة ، فيكون تأويله : وناديناه من جانب الطور المبارك واليمن ، وكذلك روي في الخبر أن موسى - عليه السلام - قال : " أتاني من جبل طور سيناء ، واطلع من جبل ساعورا ، وظهر من جبل فاران " ، ومعناه : أتاني وحي ربي من جبل طور سيناء ، " واطلع من جبل ساعورا " ، أي : أتى وحي عيسى من جبل ساعورا ، وأتى وحي محمّد في جبل فاران ؛ فهو على اليمن : يمن الجبل وبركته . وقال بعضهم : هو يمين الجبل . وقال بعضهم : يمين موسى . قال أبو بكر الأصم : هذا لا يعلم إلا بالخبر ، ولا نفسره أنه ماذا أراد به ؟ مخافة التغيير ؛ لأنه ذكر في موضع الاحتجاج عليهم ، فإن زادوا أو نقصوا عما في كتبهم يبطل الاحتجاج به عليهم . وقوله - عز وجل - : { وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيّاً } . قال أهل التأويل : هو تقريب بالمكان ، ولكن عندنا هو تقريب المنزلة والقدر والفضل ، هذا معروف ، وهو أسلم ، { نَجِيّاً } من المناجاة ، أي : ناجاه من حيث لم يطلع على ذلك غيرهما ، وسمّي موسى بهذا ؛ لأنه أخلص نفسه لله وسلّمها له ، ولذلك سمي المصلي - أيضاً - : مناجياً ربه على ما روي في الخبر " انْظُرْ مَنْ تُنَاجِي " حيث فرغ نفسه عن جميع الأشغال وسلمها إليه فسمّي لذلك مناجياً ، والله أعلم . وقوله - عز وجل - : { وَوَهَبْنَا لَهُ مِن رَّحْمَتِنَآ أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيّاً } ، هو ما ذكرنا فيما تقدم .