Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 19, Ayat: 88-95)
Tafsir: Taʾwīlāt ahl as-sunna
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله - عز وجل - : { وَقَالُواْ ٱتَّخَذَ ٱلرَّحْمَـٰنُ وَلَداً } : قال بعضهم : الآية في مشركي العرب ؛ لأنهم هم الذين قالوا : الملائكة بنات الله ، لكن أهل التأويل قالوا أيضاً : { وَقَالَتِ ٱلْيَهُودُ عُزَيْرٌ ٱبْنُ ٱللَّهِ وَقَالَتْ ٱلنَّصَارَى ٱلْمَسِيحُ ٱبْنُ ٱللَّهِ } [ التوبة : 30 ] ، فهو في كل من قال ذلك . ثم قوله : { لَّقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدّاً } يخرج على الإضمار حين أخبر عنهم أنهم { وَقَالُواْ ٱتَّخَذَ ٱلرَّحْمَـٰنُ وَلَداً } أن قل لهم يا محمد : { لَّقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدّاً } أي : عظيماً منكراً . أو أن يكونوا لما قالوا ذلك أقبل عليهم فقال لهم : لقد جئتم شيئاً عظيماً منكراً ، والله أعلم . وقوله - عز وجل - : { تَكَادُ ٱلسَّمَٰوَٰتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ ٱلأَرْضُ وَتَخِرُّ ٱلْجِبَالُ هَدّاً * أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَـٰنِ وَلَداً } قال بعضهم : مثل هذا إنما يقال على المبالغة في العظيم من الأمور والنهاية من الضيق والشدة على التمثيل . يقول الرجل لآخر : أظلمت الدنيا عليه وضاقت عليه الأرض بما رحبت ونحوه ، على الإبلاغ في الضيق والشدة ؛ فعلى ذلك هذا ذكر على الإبلاغ والنهاية في العظيم من القول لما قالوا عنه سبحانه ، ثم جعل مثل ما قالوا في العظيم لله بما يعظم من المحسوسات في العقول ، وهو ما ذكر من انفطار السّموات وانشقاق الأرض وهدّ الجبال ، وهنّ أصلب الأشياء وأشدها ؛ ليعرفوا عظم ما قالوا فيه ، وهكذا تعرف الأمور الغائبة التي سبيل معرفتها الاستدلال بالمحسوسات من الأشياء المشاهدات منها . وجائز أن يكون ما ذكر من انشقاق الأرض وهدّ الجبال وانفطار السماء على حقيقة ما ذكر يكون فيها وإن لم يشاهد ذلك منها ولم يحس ، كقوله : { فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكّاً } [ الأعراف : 143 ] . وقال قائلون : ذكر هذا في أهل السّماوات فثبت أنهم يكونون كما ذكر بما قالوا تعظيماً لذلك وإنكاراً ، والله أعلم . وقوله - عز وجل - : { وَمَا يَنبَغِي لِلرَّحْمَـٰنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَداً } ، أي : ما ينبغي له ولد { إِن كُلُّ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ إِلاَّ آتِي ٱلرَّحْمَـٰنِ عَبْداً } ، وفي الشاهد لا أحد يتخذ الولد من عبيده ، فكيف ينبغي لمن له ملك السماوات والأرض وكلهم عبيده - أن يتخذ ولداً من عبيده . { وَمَا يَنبَغِي لِلرَّحْمَـٰنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَداً } ، وأسباب الأولاد التي بها يتخذ الولد ليست فيه ؛ لأن في الشاهد إنما يتخذ الولد لثلاث ، وقد ذكرناها في غير موضع ، فإن كان الله - سبحانه - يتعالى عن ذلك كله ، لم ينبغ له أن يتخذ الولد . وقال بعضهم في قوله : { إِلاَّ آتِي ٱلرَّحْمَـٰنِ عَبْداً } في الآخرة ، أي : كلهم يقرون بالعبودية له يومئذ . وقوله - عز وجل - : { لَّقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدّاً } : يحتمل قوله : { أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدّاً } من عدّ أنفسهم وإحصائه ، أي : لا يخفى عليه شيء . أو أن يكون على الوعيد أن يحصى أقوالهم وأفعالهم بما سلط عليهم من الملائكة ما يراقبون ذلك منهم ، كقوله : { مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ } [ ق : 18 ] ، وقوله : { كِرَاماً كَاتِبِينَ } [ الانفطار : 11 ] قال أبو عوسجة : الضدّ : الخصم ، والإدّ السوق الشديد ، وقوله : { شَيْئاً إِدّاً } ، أي : شديداً ، والورد ، أي : يوردهم إياها ، أي : يدخلهم ، وقال : الورد : النصيب من الماء ، وقوله : { هَدّاً } أي : صوتاً يهدّ ، أي : يهدم .