Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 240-242)

Tafsir: Taʾwīlāt ahl as-sunna

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { وَٱلَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً وَصِيَّةً لأَزْوَاجِهِمْ مَّتَاعاً إِلَى ٱلْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِيۤ أَنْفُسِهِنَّ مِن مَّعْرُوفٍ وَٱللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } . قد ذكرنا فيما تقدم أنها تخرج على وجهين : على النسخ قوله تعالى : { وَٱلَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً } [ البقرة : 234 ] . ويحتمل : على نسخ الوصية خاصة دون نسخ العدة ، وأن الأمر بالاعتداد في الآيتين أمر واحد - أربعة أشهر وعشراً ، ونسخ الوصية بآية الميراث وبقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا وصية لوارث " . وفيه دلالة : أن للموصى له خياراً بين قبول الوصية وبين ردها . وفيه أيضاً : أن له أن يردها إذا قبل بقوله تعالى : { غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ } ، إذ في الخروج ردها وذلك بعد القبول . وقوله : { فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِيۤ أَنْفُسِهِنَّ مِن مَّعْرُوفٍ وَٱللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } ، قد ذكرنا فيما تقدم أنها تحتمل وجهين : تحتمل : ما فعلن في أنفسهن من معروف ، من التشويف والتزيين . وكذلك روي في حرف ابن مسعود - رضي الله تعالى عنه - : " لا جناح عليهن أن يتشوفن ويتزين ويلتمسن الأزواج " . ويحتمل : وضعن أنفسهن في الأكفاء بمهر مثلهن . والله أعلم . وقوله : { وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِٱلْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى ٱلْمُتَّقِينَ } . تحتمل الآية أن تكون في المطلقات المدخولات بهن وقد فرض لهن أن يأمر الأزواج بالمتعة ندباً ، لا وجوباً ، على ما روي عن الحسن بن علي - رضي الله تعالى عنهما - أنه متع بعشرة آلاف ، على ما روي عن ابن عباس وابن عمر ، رضي الله تعالى عنهما ، أنهما قالا : إن كنت من المتقين ومن المحسنين فمتعها . فهو أمر ندب ، لا أمر إيجاب يجبر على ذلك . وإن كانت في المطلقة التي لم يدخل بها ولا فرض لها صداقاً فهو على ما يقوله - وهي واجبة يجبر على ذلك ؛ فتخرج هذه الآية والتي قبلها ، قوله تعالى : { وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى ٱلْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى ٱلْمُقْتِرِ قَدَرُهُ } [ البقرة : 236 ] ، على مخرج واحد ، غير أن في إحديهما بيان قدر المتعة ، وليس في الأخرى سوى ما ذكر . ويحتمل وجه آخر : وهو أن الأمر بالمتعة أمر بالإنفاق عليها والكسوة لها إذا دخل بها ، ما دامت في العدة . أو على الاختيار على ما ذكرنا ، لا على الإيجاب ؛ إذ لو كان على الوجوب لكان في ذلك إيجاب بدلين - الصداق والمتعة - ولم يعرف عقد من العقود أوجب بدلين ؛ فكذلك هذا . والله أعلم . والثاني : أن الطلاق سبب إسقاط ، لا سبب إيجاب . فإذا كان كذلك لم يجز أن يوجب السبب الذي هو سبب الإسقاط ؛ لذلك لم يجب . والله أعلم . وقوله : { كَذَلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ } . ما سبق ذكره من الأحكام من الأمر بالاعتداد ، والإنفاق عليهن ، والتمتع وغير ذلك { لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ } ، أمره ونهيه . قال الشيخ ، رحمه الله تعالى ، في قوله : { كَذَلِكَ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ } : أي كما يبين في هذا يبين في جميع ما يعلم لكم إلى بيان ذلك حاجة على قدر ما أراد من البيان - من بيان كفاية أو مبالغة - ليعلم أن جميع ما إليه بالخلق حاجة داخل تحت البيان ، يوصل إلى ذلك بقدر ما تحتمله العقول على ما يكرم الله المجاهدين فيه في طلب مرضاته . ولا قوة إلا بالله .