Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 176-176)
Tafsir: Taʾwīlāt ahl as-sunna
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
[ قوله - عز وجل - : ] { يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ ٱللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي ٱلْكَلاَلَةِ } . ذكر الاستفتاء ، ولم يذكر : فيم استفتوا ؟ لكن في الجواب بيان أن الاستفتاء فيم كان ، وقال : { قُلِ ٱللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي ٱلْكَلاَلَةِ } . والكلالة : ما ذكر : { يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ ٱللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي … } إلى آخر ما ذكر . قال جابر - رضي الله عنه - : فيَّ نزلت الآية . وروي عن عمر - رضي الله عنه - أنه قال : " ما سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن شيء أكثر مما سألته عن الكلالة ، ثم طعن في صدري بأصبعه ، فقال : " [ ألا ] يَكْفِيكَ آيَةُ الصَّيْفِ الَّتِي في آخِرِ سُورَةِ النِّسَاءِ ؟ ! " ، وفيه دلالة أن قد يترك بيان ما يدرك بالاجتهاد والنظر ، ولا يبين ؛ ليجتهد ، ويدرك بالنظر ؛ لأن عمر - رضي الله عنه - سأل غير مرة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولم يبينه ، وأشار إلى الآية التي فيها ذكر ما سأل عنه ؛ لينظر ويجتهد ؛ ليدرك . وفيه دليل جواز تأخير البيان ؛ لأن عمر - رضي الله عنه - سأله غير مرة ، ولم يبينه حتى أمره بالنظر في الآية ، وعمر - رضي الله عنه - لم يكن عرف قبل ذلك ؛ فدل على جواز تأخير البيان . وروي عن أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - أنه قال : الكلالة : من ليس له ولد ولا والد ، وكذلك قال عمر - رضي الله عنه - وقال : إني لأستحي من الله أن أرد شيئاً قاله أبو بكر . وسئل ابن عباس - رضي الله عنه - عن الكلالة ؟ فقال : من لا ولد له ولا والد . وروي عن جابر - رضي الله عنه - قال : مرضت ؛ فأتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم يعودني وأبو بكر الصديق معه ؛ فوجدني قد أغمي عليَّ ؛ فصبَّ وضوءه عليّ ، فأفقت ؛ فقلت : يا رسول الله ، كيف أصنع في مالي ؟ وكان لي تسع أخوات ؛ فلم يجبني حتى نزل قوله - تعالى - : { يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ ٱللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي ٱلْكَلاَلَةِ إِن ٱمْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ … } إلى آخر ما ذكر ، قال جابر - رضي الله عنه - : فِيَّ نزلت الآية . قال بعض الناس : إذا مات الرجل ؛ وترك ابنة وأختاً - فلا شيء للأخت ؛ لأن الله - تعالى - قال : { إِن ٱمْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ } والابنة ولد ؛ [ فلا ميراث ] للأخت وللأخ مع الابنة ؛ لأنها ولد ؛ فيقال : إن الله - عز وجل - جعل للابنة النصف ؛ إذا لم يكن معها ابن ؛ بقوله تعالى : { وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا ٱلنِّصْفُ } [ النساء : 11 ] ؛ فإذا مات وترك ابنة وأختاً فللابنة النصف ، وذلك النصف الباقي إذا لم يُعْطَ للأخت - يرد إلى الابنة ؛ فيكون لها كل الميراث ، وقد جعل الله - تعالى - ميراثها إذا لم يكن معها ولدٌ ذَكَرُ - النصف ، أو لا يردّ إلى الابنة ؛ فيجب أن ينظر أيهما أحق بذلك النصف الباقي ؛ فجاء في بعض الأخبار : أن الأخوات مع البنات عَصَبَة ؛ لذلك كانت الأخت أَوْلَى بذلك النصف الباقي ، والله أعلم . وقوله - عز وجل - : { فَإِن كَانَتَا ٱثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا ٱلثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ } . ذكر للاثنتين الثلثين ، ولم يذكر ما للثلاث فصاعداً منهن ، وذكر في الابنة الواحدة النصف في أول السورة بقوله : { وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا ٱلنِّصْفُ } ولم يذكر ما للبنتين ؛ ولكن ذكر الثلاث فصاعداً بقوله تعالى : { فَإِن كُنَّ نِسَآءً فَوْقَ ٱثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ } [ النساء : 11 ] فترك بيان الحق في الابنتين ؛ لبيانه في الأختين ، وترك البيان للأخوات ؛ لبيانه في البنات ؛ ففيه دليل القياس : حيث اكتفى ببيان البعض عن الآخر . وقوله - عز وجل - : { وَإِن كَانُوۤاْ إِخْوَةً رِّجَالاً وَنِسَآءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ ٱلأُنثَيَيْنِ } . دل قوله تعالى : { إِخْوَةً رِّجَالاً وَنِسَآءً } أن اسم الإخوة بجميع الإناث والذكور جميعاً ؛ لأنه ذكر إخوة ، ثم فسر الرجال والنساء ؛ فهو دليل لنا في قوله تعالى : { فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ ٱلسُّدُسُ } أنهم يحجبون الأم عن الثلث ، ذكوراً كانوا أو إناثاً ، والله أعلم . وقوله - عز وجل - : { يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمْ أَن تَضِلُّواْ } . قيل : ألا تضلوا . قال الكسائي : العرب تقول للرجل : أطعمتك أن تجوع ، وأغنيتك أن تفتقر ؛ على معنى ألا تجوع ولا تفتقر ، وفي القرآن كثير مثل هذا . ثم قوله : { يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمْ أَن تَضِلُّواْ } قيل : ألا تضلوا في قسمة المواريث . وقيل : ألا تخطئوا . وقيل : ألا تخلطوا ، وهو واحد . { وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } . وعيد ، وبالله الحول والقوة ، [ والله المستعان ] .