Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 94-94)

Tafsir: Taʾwīlāt ahl as-sunna

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله : { يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَتَبَيَّنُواْ … } الآية . قيل : " إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث سرية إلى دار الحرب ، فسمعوا سرية لرسول الله صلى الله عليه وسلم تريدهم ؛ فهربوا ، وأقام رجل ؛ لإسلامه ؛ فلما رأى الخيل خاف أن يكونوا من العدو من حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ فألجأ غنمه إلى [ كهف ] ، ثم قام دونها ، فسمع التكبير ؛ فهبط إليهم وهو يقول : لا إله إلا الله ، فأتاه رجل من هؤلاء ، فقتله واستاق غنمه وما معه ، ثم رجعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبروه الخبر ؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أَقَتَلْتُمُوهُ ؛ إِرَادَةَ مَا مَعَهُ ، وهُوَ يَقُولُ : لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ ؟ ! " فقالوا : إنه قال [ ذلك ] متعوذا ؛ فقال : " هَلاَّ شَقَقْتُمْ عَنْ قَلْبِهِ ؟ ! " " . وعن ابن عباس - رضي الله عنه - " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث سرية ، فلقيهم رجل ، فسلم عليهم وحياهم بتحية الإسلام ، فحمل عليه رجل من السرية فقتله ؛ فلامه أصحابه وقالوا : أقتلت رجلا حيانا بتحية الإسلام ؟ ! فلما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبره بالذي صنع ؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أَقَتَلْتَهُ بَعْدَ أَنْ قَالَ : إِنِّي مُسْلِمٌ ؟ ! " فقال : يا رسول الله ، إنما قالها متعوذاً ؛ قال : " فَهَلاَّ شَقَقْتَ عَنْ قَلْبِه فَتَعْلَمَ ذلك ؟ ! " ؛ فنزل قوله : { يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَتَبَيَّنُواْ وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَىۤ إِلَيْكُمُ ٱلسَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِناً } " . فلا ندري كيفما كانت القصة ؟ ولكن فيه الأمر بالتثبت عند الشبهة , والنهي عن الإقدام عندها ، وهكذا الواجب على المؤمن الوقف عند اعتراض الشبهة في كل فعل وكل خبر ؛ لأن الله - تعالى - أمر بالتثبت في الأفعال بقوله : { فَتَبَيَّنُواْ وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَىۤ إِلَيْكُمُ ٱلسَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِناً } ، وقال في الخبر : { إِن جَآءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوۤاْ } [ الحجرات : 6 ] أمر بالتثبت في الأخبار عند الشبهة ، كما أمر في الأفعال لنبيه صلى الله عليه وسلم : { وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ } [ الإسراء : 36 ] . وفي الآية دليل فساد قول المعتزلة ؛ لأنه نهاهم أن يقولوا [ لمن قال ] : إني مسلم : لست مؤمناً ، وهم يقولون : صاحب الكبيرة ليس بمؤمن ، وهو يقول ألف مرة على المثل : إني مسلم ، فإذا نهى أن يقولوا : ليس بمؤمن ، أمرهم أن يقولوا : هو مؤمن ؛ فيقال لهم : { أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ ٱللَّهُ } [ البقرة : 140 ] على ما قيل لأولئك . وقوله - عز وجل - : { تَبْتَغُونَ عَرَضَ ٱلْحَيَٰوةِ ٱلدُّنْيَا } . قيل : الغنيمة : { فَعِنْدَ ٱللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ } هذا يحتمل وجهين : يحتمل قوله : { فَعِنْدَ ٱللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ } أي : أجر عظيم وجزاء كثير . ويحتمل : { فَعِنْدَ ٱللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ } يعطيها لكم في غير هذا ، كقوله - تعالى - { وَعَدَكُمُ ٱللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا … } الآية [ الفتح : 20 ] . وقوله - عز وجل - : { كَذٰلِكَ كُنْتُمْ مِّن قَبْلُ فَمَنَّ ٱللَّهُ عَلَيْكُمْ … } الآية اختلف فيه . قيل : { كَذٰلِكَ كُنْتُمْ مِّن قَبْلُ } ضلالا كفارا ؛ { فَمَنَّ ٱللَّهُ عَلَيْكُمْ } بالإسلام والهجرة ، وهداكم به . وقيل : { كَذٰلِكَ كُنْتُمْ مِّن قَبْلُ } تخفون إيمانكم من المشركين وتكتمونه ؛ { فَمَنَّ ٱللَّهُ عَلَيْكُمْ } بإظهار الإسلام وإبدائه . وقيل : { كَذٰلِكَ كُنْتُمْ مِّن قَبْلُ } تأمنون في قومكم من المؤمنين بـ " لا إله إلا الله " ، ولا تخيفوا من قالها ؛ { فَمَنَّ ٱللَّهُ عَلَيْكُمْ } بالهجرة . وعن ابن عباس قال : { كَذٰلِكَ كُنْتُمْ مِّن قَبْلُ } كفاراً تقاتلون على الدنيا وعرضها . وقوله - تعالى - : { فَتَبَيَّنُواْ } . عاد إلى الأول ، وأمر بالتثبت عند الشبهة ؛ ألا ترى أنه روي في الخبر أنه قال : " المُؤْمِنُ وَقَّافٌ وَزَّانٌ " : وقاف يقف عن الشبهة ، ووزان يزن الأعمال فيختار أفضلها .