Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 45, Ayat: 1-6)

Tafsir: Taʾwīlāt ahl as-sunna

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله - عز وجل - : { حـمۤ * تَنزِيلُ ٱلْكِتَابِ } قد ذكرناه في غير موضع . وقوله : { ٱلْعَزِيزِ ٱلْحَكِيمِ } وقد ذكرنا - أيضاً - تأويل " العزيز الحكيم " في غير موضع أيضاً . ثم إنما ذكر قوله : { ٱلْعَزِيزِ ٱلْحَكِيمِ } على إثر ذلك ؛ ليعلم أنه ما أنزل الكتاب ، وما أمرهم ، وما نهاهم ، وامتحنهم بأنواع المحن ؛ ليتعزز هو بذلك ، أو يزيد له عزّاً وسلطاناً أو قوة إذا ائتمروه وأطاعوه ، وإذا خالفوه ولم يطيعوه فيما أمرهم ، وارتكبوا ما نهاهم يلحقه ذل أو نقصان في ملكه وسلطانه ؛ بل إنّما فعل ذلك من الأمر والنهي وأنواع المحن لمنفعة أنفس الممتحنين ، ليتعززوا إذا اتبعوا أمره وأطاعوه ، ويلحقهم ذل ونقصان إذا تركوا اتباعه ، بخلاف ملوك الأرض ، فإنه يزيد لهم اتباع من اتبعهم عزّاً وسلطاناً وقوة في ملكهم ، وترك اتباعهم إياهم وارتكاب ما نهوهم عنه يوجب لهم ذلا ونقصاناً في ملكهم ؛ لأن المخلوق كان عزيزاً بغيره ، فإذا زال ذلك زال عزه وصار ذليلا ؛ فأما الله - سبحانه وتعالى - عزيز بذاته فلا يلحقه النقصان بمخالفة من خالفه ، ولا يزداد عزه بائتمار من ائتمره . [ و ] قوله : { ٱلْحَكِيمِ } والحكيم هو الذي لا يلحقه الخطأ في التدبير ؛ يذكر هذا ؛ ليعلم أنّ من أنشأه من الخلائق على علم منه أنهم يكفرون به ويعصونه لم يزل عنه الحكمة ، ولا أخرجه منها ؛ لما ذكرنا أنه لم ينشئهم لحاجة له فيهم ، أو لمنفعة ترجع إليه ، ولكن لحاجة لهم ، ولمنفعة ترجع إلى أنفسهم ، ومثله في الشاهد يزيل الحكمة ويدخل في حد السفه ؛ لما ذكرنا أنهم إنما يفعلون لحوائجهم ، فكان الفعل مع العلم بأنه لا منفعة له فيه ، بل مضرة لا يكون حكمة منهم ؛ لذلك افترق الشاهد والغائب ، والله أعلم . وقوله - عز وجل - : { إِنَّ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ لأيَٰتٍ لِّلْمُؤْمِنِينَ } و { ءَايَٰتٌ لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ } و { ءَايَٰتٌ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } ونحو ذلك ، يخرج ذكر الآيات لهؤلاء [ على ] وجوه : أحدها : أن يكون ما ذكر من الآيات لهؤلاء آيات على أعدائهم يحتجون بها عليهم ؛ فتكون هي آيات لهم على أعدائهم . والثاني : أن منفعة هذه الآيات تجعل لهؤلاء ، وهم المنتفعون بها ؛ أعني : متبعها دون من ترك اتباعها . والثالث : هنّ آيات لمن اعتقد اتباع الآيات والإيقان بها ، وهم المؤمنون ، فأما من اعتقد ردّها وترك الاتباع لها فليست هي آيات لهم ، والله أعلم . وقد ذكرنا في غير موضع ، جهة الآيات فيما ذكر من السماوات والأرض ، واختلاف الليل والنهار ، وإنزال الماء من السماء ، وإحياء الأرض به ، وإخراج ما أخرج منها ، في ذلك آيات هيبته ، وآيات وحدانيته ، وآيات قدرته وسلطانه ، وآيات علمه وتدبيره ، وآيات حكمته ، وغير ذلك مما يطول بذكرها ، والله الموفق . وقوله - عز وجل - : { تَلْكَ ءَايَٰتُ ٱللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِٱلْحَقِّ } ، قوله - عز وجل - : { تَلْكَ } إشارة إلى الآيات التي تقدم ذكرها { نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِٱلْحَقِّ } أنها من الله - تعالى - لما عجزوا عن إدراك ذلك من الحكمة البشرية به فيعلموا أنها من الله تعالى . وقوله - عز وجل - : { فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ ٱللَّهِ وَءَايَٰتِهِ يُؤْمِنُونَ } هذا يخرج على وجهين : أحدهما : يقول - والله أعلم - : لو كانوا بالذين يقبلون حديثاً قط ، فلا حديث أظهر صدقاً من حديث الله تعالى ولا أبين حقّاً فيه من كلامه ؛ لأنها آيات معجزات ، عجزوا عن إتيان مثلها . وإن كانوا بالذين لا يقبلون حديثاً فيلحقهم السفه في ذلك ، فيكفي مؤنتهم ، والله الهادي .