Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 109, Ayat: 1-6)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ قُلْ } يأ اكمل الرسل منادياً لمن دعاك إلى عبادة آلهته الباطلة : { يٰأَيُّهَا ٱلْكَافِرُونَ } [ الكافرون : 1 ] الساترون شمس الحق الظاهر في الأنفس والآفاق بغيوم هوياتكم الباطلة . { لاَ أَعْبُدُ } أي : لا أنقاد وأتوجه ، سيما بعدما وفقني الله إلى توحيده ، وهداني نحو شمس ذاته ، وشرفني بمطالعة وجهه الكريم { مَا تَعْبُدُونَ } [ الكافرون : 2 ] من الآلهة الباطلة والأظلال الهالكة العاطلة ، التي اتخذتموها آلهة من تلقاء أنفسكم أنتم وآباؤكم مع أنه { مَّآ أَنزَلَ ٱللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ } [ يوسف : 40 ] ، بل ما تتبعون أنتم وهم باتخاذهم إلاَّ الظن وما تهوى الأنفس من غير ورود الهداية ؛ لأنه من قبل الحق . { وَلاَ أَنتُمْ } أيضاً { عَابِدُونَ مَآ أَعْبُدُ } [ الكافرون : 3 ] من الحق الوحيد ، الفريد ، الحقيق بالعبادة والإطاعة ، بالاستقلال والانفراد ؛ إذ لا إله معه ، ولا شيء يماثله حتى يشاركه في أخص أوصافه التي هي الألوهية ؛ إذ ليس في وسعكم واستعدادكم الإيمان به والإيقان بوحدته واستقلاله في ملكه وملكوته ، ومع ذلك ما وفقكم الحق عليه وأقدركم به . { وَ } بالجملة : { لاَ أَنَآ عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ } [ الكافرون : 4 ] إذ لا يليق بالألوهية حتى أعبد له . { وَلاَ أَنتُمْ عَابِدُونَ مَآ أَعْبُدُ } [ الكافرون : 5 ] إذ لا يتيسر لكم الإيمان به والاطلاع على وجوده والاتصاف بمعرفته وشهوده ، فكيف تعبدون أنتم الله الواحد الأحد ، الصمد بلا جذب من جانبه وتوفيق من لدنه ؟ ! وأنا أيضاً لا أعبد لمعبوداتكم الباطلة التي هي بمراحل عن رتبة الألوهية والعبودية . وبالجملة : { لَكُمْ دِينُكُمْ } الذي أنتم عليه ، وطريقكم الذي تتوجهون إليه بعدما لم يفوقكم الحق على الهداية والإيمان { وَلِيَ دِينِ } [ الكافرون : 6 ] الذي أنا عليه ، لا تتركوا دينكم بديني ، ولا أنا أيضاً تارك ديني بدينكم ، بل لكم دينكم ولي ديني ، والتوفيق بيد الله والهداية والضلال . خاتمة السورة عليك أيها الموحد المحمدي الحنيف ، المائل عن كل الأديان والمذاهب المنافية لصرافة شرب التوحيد ألاَّ تجالس مع أهل الغفلة والضلال ، المترددين في أودية الجهلات بأنواع الخيالات الباطلة ، والأوهام العاطلة المترتبة على هوياتهم العدمية وتعيناتهم الوهمية ، ولا تصاحبهم في حال من الأحوال ، فإن صحبتك معهم تبعدك عن الحق وتغريك نحو الباطل ، فإن النفوس الإنسانية أسرع عدواً وأشد ميلاً إلى البدع والأهواء الفاسدة والآراء العاطلة الباطلة .