Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 112, Ayat: 1-4)
Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ قُلْ } يا أكمل الرسل لمن سأل عنك بقوله : صف لنا ربك ألذي تدعونا إلى الإيمان به وعبادته : { هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ } [ الإِخلاص : 1 ] أي : هو الذات المتصف بالألوهية الغيبية والشهادة ، المتعالية عن كليهما بحسب ذاته المتصفة بالألوهية والربوبية ، المستجمعة لجميع شرائط الكمال حسب الأسماء والصفات الكاملة ، الكامنة في تلك الذات المتصفة بالأحدية المطلقة المنزهة عن التعدد والكثرة مطلقاً ، المستقل في الوجود والحياة والقيومية المستلزمة للديمومية والبقاء الأزلي الأبدي السرمدي ، الذي كان لا يكال بقاؤه ودوامه بمطلق الموازين والمقادير ، ولا يحيط به وبقيوميته مطل التدابير والتقادير . فكيف كان سبحانه محلاً للتقدير ؛ إذ هو { ٱللَّهُ ٱلصَّمَدُ } [ الإِخلاص : 2 ] أي : السيد السند الذي يقصد نحوه ويرجع إليه عموم ما ظهر وبطن من الكوائن والفواسد الكائنة في نشأتي الغيب والشهادة ، والأولى والأخرى ، وهو في ذاته مستغن عن جميعها مطلقاً . وكيف لا يكون مستغنياً ؛ إذ هو الله الذي { لَمْ يَلِدْ } إذ الإيلاد إنما هو للأخلاف وخوف الانعدام والانقضاء ، وهو سبحانه بمقتضى قيوميته ووجوب وجوده ودوام بقائه لا يطرأ عليه أمثال هذه النقائص المستلزمة لضبط العاقبة والمآل ؛ إذ لا يجر عليه انقضاء وانتقال { وَ } كذا { لَمْ يُولَدْ } [ الإِخلاص : 3 ] لذلك ؛ إذ كل ما ظهر وبطن ، أزلاً وأبداً إنما هو منه وبه وله وفيه ، وكل ما فُرض من الموجود أزلاً وأبداً ما هو خارج عن حيطة أظلال أسمائه وعكوس صفاته ، فكيف يتصور أن يسبقه شيء هو غيره مع أنه لا غير في الوجود مطلقاً حتى يلده . { وَ } باجملة : هو سبحانه منفرد في توحده ، متوحد في انفراده ، ومستقل في استقلاقه ، بحيث { لَمْ يَكُنْ لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ } [ الإِخلاص : 4 ] لا قبله ولا بعده ، بل لا إله سواه ، ولا موجود غيره . خاتمة السورة عليك أيها الموحد المحمدي المنكشف بالتوحيد الذاتي - مكنك الله في مقر عزك وتمكينك - أن تصرف عنان عزمك وهمتك بعدما كوشفت بتوحيده الذاتي وكمالات أسمائه وصفاته نحو سوابغ آلائه ونعمائه الفائضة منه سبحانه حسب رقائق أسمائه الحسنى وأوصافه العظمة ، وتشاهد آثار قدرته الغالبة التي تتحير منه العقول والآراء . وإياك إياك أن تغفل عن الله طرفة ، فإنها تورثك حسرة طويلة ؛ إذ كل نفس من النفسات الإلهية التي جرت عليك في أوقات حياتك مشتملة على عجائب صنع الله وبدائع حكمته المتقنة البالغة ، بحيث ما مضى مثلها أزلاً ولا سيأتي شبهها أبداً ، فعليك أن تغتنم الفرصة وتتعرض للنفحات الإلهية ، ولا يشغلك شيء منها . جعلنا الله من المتعرضين بنفحات الحقن المستنشقين من نسمات روحه وراحته بمنِّه وجوده .