Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 58-60)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَ } واذكروا ظلمكم أيضاً { إِذْ قُلْنَا } بعد خروجكم من التيه إشفاقاً لكم وامتناناً عليكم { ٱدْخُلُواْ هَـٰذِهِ ٱلْقَرْيَةَ } التي هي من منازل الأنبياْ والأولياء وهي بيت المقدس { فَكُلُواْ مِنْهَا } من مأكولاتها ومشروباتها { حَيْثُ شِئْتُمْ } بلا مزاحم ولا مخاصم { رَغَداً } واسعاً بلا خوف من السقم حتى يتقوى مزاجكم ويزول ضعفكم ، وبعد تقويتكم المزاج بالنعم ارجعوا إلينا وتوجهوا نحو بيتنا التي فيها { وَٱدْخُلُواْ ٱلْبَابَ سُجَّداً } مذللين خاضعين ، واضعين جباهكم ووجوهكم على الأرض ، وعند سجودكم استغفروا ربكم من خطاياكم { وَقُولُواْ } رجاؤنا منك يا مولانا { حِطَّةٌ } أي : حط ما صدر عنا وجرى علينا من المعاصي والآثام ، وإذا دخلتم كما أمرتم واستغفرتم كما علمتم { نَّغْفِرْ لَكُمْ خَطَٰيَٰكُمْ } التي جئتم بها واستغفرتم لها { وَسَنَزِيدُ ٱلْمُحْسِنِينَ } [ البقرة : 58 ] منكم ، الذين لم يتجاوزوا الحد ولم يخالفوا الأمر الراضون الذي لا مرتبة أعلى منه . ولما أمرناهم بالدخل على هذا الوجه ، وعلمناهم طريق الدعاء والاستغفار خالف بعضهم المأمول ظلماً وتأويلاً { فَبَدَّلَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ } بالخروج عن أمرنا ، قولنا لهم لإصلاح حالهم { قَوْلاً } آخر لفظاً ومعنى { غَيْرَ ٱلَّذِي قِيلَ لَهُمْ } بأن أرادوا من اقول الملقى إليهم لفظاً آخر ، ومعنى آخر برأيهم الفاسد وطبعهم الكاسد حطاً سمتاتاً ؛ أي : حنطة حمراء ، ولما لم يأتوا بالمأمور به ومع ذلك بدلوا إلى ما تهوى أنفسهم أخذناهم بها { فَأَنزَلْنَا عَلَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ } تنصيصاً عليهم وتخصيصاً لهم ، لتعلم أن سبب أخذهم ظلمهم { رِجْزاً } طاعوناً نازلاً { مِّنَ ٱلسَّمَآءِ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ } [ البقرة : 59 ] يخرجون عن حدود الله المنزلة من السماء بأنواع الفسوق والعصيان . { وَ } اذكروا أيضاً { إِذِ ٱسْتَسْقَىٰ مُوسَىٰ } وطلب السقي بإنزال المطر { لِقَوْمِهِ } حيث بثوا شكواهم عنده من شدة العطش في التيه { فَقُلْنَا } له مشيراً إلى ما يترقب من مطلوبه بل يستبعده : { ٱضْرِب } ولا تستعبد { بِّعَصَاكَ } التي استعنت بها في الأمور والوقائع { ٱلْحَجَرَ } الذي بين يديك فتفطن موسى بنور النبوة للأمر الوجوبي ، فضربه دفعة { فَٱنفَجَرَتْ مِنْهُ } فجأة { ٱثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً } متمايزة منفردة كل منها عن صاحبتها بعدد رءوس الفرق الاثني عشر بحيث { قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ } من كل فرقة { مَّشْرَبَهُمْ } المعينة لهم دفعاً للتزاحم والتنازع ، ثم أمرناكم بما ينفعكم ظاهراً وباطناً بأن قلنا لكم : { كُلُواْ وَٱشْرَبُواْ } مترفهين متنعمين { مِن رِّزْقِ ٱللَّهِ } الذي رزقكم من محض فضله ولطفه من حيث لا تحتسبون ونهيناكم عما يضركم صورة { وَ } معنى بأن قلنا لكم : { لاَ تَعْثَوْاْ } أي : لا تظهروا { فِي ٱلأَرْضِ } خيلاء متكبرين { مُفْسِدِينَ } [ البقرة : 60 ] فيها بأنواع الفسادات منتهزين بها ، و { ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ } [ لقمان : 18 ] .