Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 82-85)
Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ } واعتقدوا بوحدانية الله ، وأيقنوا بألاَّ وجود لغير الله { وَ } مع الإيمان والإيقان { عَمِلُواْ } بالجوارح { ٱلصَّالِحَاتِ } المترتبة على هذا الاعتقاد المستلزمة إياه { أُولَـٰئِكَ } المقربون الواصلون إلى ما يصلون { أَصْحَابُ ٱلْجَنَّةِ } القرب والوصول { هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } [ البقرة : 82 ] متمكنون ما شاء الله ، ولا مرمى وراء الله ، ولا مقصد سوى : لا إله إلا الله ، لا حول ولا قوة إلا بالله . { وَ } اذكر يا أكمل الرسل للمؤمنين أيضاً قصة { إِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ } أي : العهد الوثيق من بني إسرائيل المفرطين في بعض العهود والمواثيق ، بأن قلنا لهم : { لاَ تَعْبُدُونَ } أي : لا تتوجهون ولا تتقربون { إِلاَّ ٱللَّهَ } الذي أظهركم من العدم ورتبكم ورباكم بأنواع اللطف والكرم ، لكي تعرفون { وَ } لا تفعلون ولا تعاملون { بِٱلْوَالِدَيْنِ } المربيين لكم باستخلاف الله إياهما إلا { إِحْسَاناً } محسنين معهما بخفض جناح الذل وبذل المال وخدمة البدن { وَ } مع ذلك كذا مع { ذِي ٱلْقُرْبَىٰ } المنتمين إليهما بواسطتهما { وَ } لا يقهرون { الْيَتَامَىٰ } الأطفال الذي لا متعهد لهم من الوالدين ، بل تحسنون لهم وتتعطفون معهم { وَ } كذا مع { ٱلْمَسَاكِينِ } الذين لا يمكنهم الكسب لعدم مساعدة إلا أنهم بالجملة { وَقُولُواْ لِلنَّاسِ } أي : لجميع الأجانب المستغنين عن جميع الأمداد { حُسْناً } قولاً حسناً هيناً ليناً مبيناً عن المحبة والوداد . { وَ } لما أمرناهم ونهيناهم بما يتعلق بمبدئهم ومعاشهم أمرناهم أيضاً بما يتعلق بمعادهم ورجوعهم إلينا ، فقلنا لهم { أَقِيمُواْ } أديموا { ٱلصَّلاَةَ } التي هي معراجكم الحقيقي إلى ذروة التوحيد { وَ } العروج إليها لا يتحقق إلا بترك العلائق وطرح الشواغل لذلك { آتُواْ ٱلزَّكَاةَ } المطهرة المزيلة عن نفوسكم محبة الغير والسوى ، بل محبة نفوسكم الشاغلة عن الوصول إلى شرف اللقاء { ثُمَّ } لما اشتغلتم بالأمر والنواهي نقضتم العهود بأن { تَوَلَّيْتُمْ } أعرضتم عنها ، ونبذتموها وراء ظهوركم { إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْكُمْ } وهم الذين ذكرهم الله في قوله : { إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَٱلَّذِينَ هَادُواْ } [ البقرة : 62 ] { وَأَنْتُمْ } قوم { مُّعْرِضُونَ } [ البقرة : 83 ] شأنكم الإعراض عن الحق مستمرمين عليه . { وَ } كيف لا تكونون معرضين ، اذكروا قبح صنيعكم وقت { إِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ } بأن { لاَ تَسْفِكُونَ دِمَآءَكُمْ } أي : لا يسفك بعضكم دم بعض بلا موجب شرعي { وَلاَ تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِّن دِيَارِكُمْ } أي : لا يخرج بعضكم بعضاً من دياره تعدياً وظلماً { ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ } طوعاً ، واعترفتم رغبة بهذا العهد { وَأَنْتُمْ } بأجمعكم { تَشْهَدُونَ } [ البقرة : 84 ] تحضرون ، وكلكم متفقون عليه . { ثُمَّ أَنْتُمْ هَـٰؤُلاۤءِ } الخبيثون الدنيئون ، نقضتم العهد بعد توكيده بأن { تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ } بعضكم نفس بعض بغير حق { وَتُخْرِجُونَ } أي : يخرج بعضكم { فَرِيقاً } بعضاً { مِّنْكُمْ مِّن دِيَارِهِمْ } المألوفة إجلاء وظلماً وأنتم بأجمعكم { تَظَاهَرُونَ } تعينون { عَلَيْهِمْ } على المخرجين الظالمين { بِٱلإِثْمِ } أي : الخصلة الفاحشة { وَالْعُدْوَانِ } أي : الظلم المتجاوز عن الحد { وَ } من جملة عهودكم أيضاً : { إِن يَأتُوكُمْ } أي : يأتي بعضكم بعضاً { أُسَارَىٰ } موثقين في يد العدو { تُفَادُوهُمْ } تعطوهم فديتهم وتنقذوهم من عدوهم تبرعاً ، فلا ينقضون هذا العهد مع أنه غير محرم عليك ترك فدائهم وينقضون العهد الوثيق المتعلق بالقتل والإخراج { وَ } الحال أنه { هُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ } وقتلهم . { أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ ٱلْكِتَابِ } وتوفون بعض العهد الثابت في الكتاب ، وهو عهد الفدية { وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ } وهو عهد عدم القتل والإجلاء مع أنه لا تفاوت بين العهود المنزلة من عند الله { فَمَا جَزَآءُ مَن يَفْعَلُ ذٰلِكَ مِنكُمْ } التفرقة بين عهود الله المنزلة في كتابه عتوّاً واستكباراً { إِلاَّ خِزْيٌ } ذل يستكره جميع الناس { فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَيَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ } القائمة للعدل والجزاء { يُرَدُّونَ } هؤلاء الناقضون لعهد الله { إِلَىٰ أَشَدِّ ٱلّعَذَابِ } وهو قعر بحر الإمكان الذي لا نجاة لأحد منه { وَمَا ٱللَّهُ } المستوي على عروش الذرات الكائنة في العالم رطبها ويابسها ، شهادتها وغيبها { بِغَافِلٍ } مشغول بشيء يشغله { عَمَّا تَعْمَلُونَ } [ البقرة : 85 ] أنتم بل شأنكم وحالكم وأعمالكم كلها عنده مكشوف معلوم له سبحانه بالعلم الحضوري ، بحيث لا يشذ عن حيطة علمه شيء فيها أصلاً .