Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 22, Ayat: 1-4)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ } الناسون للعهود والمواثيق { ٱتَّقُواْ رَبَّكُمْ } الذي ربَّاكم بأنواع الكرامات وجلائل العم ، واجتنبوا عما نهاكم عنه من المكاره والمعاصي ، ولا تغتروا بإمهاله إياكم في نشأتكم هذه ، واحذروا عن بطشه في النشأة الأخرى وقيام الساعة { إِنَّ زَلْزَلَةَ ٱلسَّاعَةِ } المعدة لانقهار النظام المشاهد ، وانحلال أجزاء العالم المحسوس { شَيْءٌ عَظِيمٌ } [ الحج : 1 ] وأمر فظيع هائل فجيع ، بحيث تضعفت السماوات من هيبتها ، واندكت الأرضون من شدة صولتها . اذكر أيها الرائي : { يَوْمَ تَرَوْنَهَا } أي : تلك الزلزلة الشديدة المهيبة بحيث { تَذْهَلُ } أي : تدهش وتغفل من غاية دهشتها { كُلُّ مُرْضِعَةٍ } مشفقة متحنننة { عَمَّآ أَرْضَعَتْ } أي : ولدها الرضيع مع كمال محبتها ومودتها { وَتَضَعُ } عند حدوثها من شدة هولها وفزعها { كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ } وحبلٍ { حَمْلَهَا } وجنينها { وَ } بالجملة { تَرَى } أيها الرائي { ٱلنَّاسَ } أي : جميع الأنام عند حدوثها { سُكَارَىٰ } حيارى مدهوشين ، زائلين عقولهم من شدة الهول { وَمَا هُم بِسُكَارَىٰ } حقيقة { وَلَـٰكِنَّ عَذَابَ ٱللَّهِ } النازل إياهم في تلك الحالة { شَدِيدٌ } [ الحج : 2 ] مدهش محير لعقولهم وأبصارهم ، وجميع قواهم ومشاعرهم . { وَ } كيف لا يكون لله المنتقم الجبار ذي القدرة الكاملة والغيرة التامة العذاب والنكال في النشأة الأخرى لمن يسيء الأدب معه ، وينسب إليه سبحانه ما لا يليق بجنابه ونيكر يوم البعث الجزاء مع ورود الآيات العظام في شأنه { مِنَ ٱلنَّاسِ } المجبولين على المرءا والمجادلة { مَن يُجَادِلُ } ويخاصم داعي الله رسوله سيما { فِي } حق { ٱللَّهِ } ويبالغ فيها حيث ينفي ذاته سبحانه وصفاته الذاتية الكاملة { بِغَيْرِ عِلْمٍ } أي : دليل عقلي يتشبث به أو نقلي يستند إليه بل إنما هو عن جهل وعناد { وَ } مستنده ومتشبثه أنه { يَتَّبِعُ } في دعواه وجداله هذا { كُلَّ شَيْطَانٍ } مضل مغوٍ { مَّرِيدٍ } [ الحج : 3 ] عالٍ متمرد في الشرارة والفساد بين العباد . ولذلك { كُتِبَ } ونص { عَلَيْهِ } أي : الشيطان المَرِيد المردود { أَنَّهُ مَن تَوَلاَّهُ } أي : الشيطان ، واتخذه ولياً من دون الله واقتدى له واقتفى أثره { فَأَنَّهُ } أي : الشيطان بإغوائه وإغرائه { يُضِلُّهُ } ويصرفه عن سواء السبيل الذي هو طريق الإيمان والتوحيد { وَيَهْدِيهِ } على مقتضى تلبيسه وتغريره { إِلَىٰ عَذَابِ ٱلسَّعِيرِ } [ الحج : 4 ] بئس المولى وبئس النصير .