Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 112-115)
Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
لذلك { ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ ٱلذِّلَّةُ } والصغار والهوان { أَيْنَ مَا ثُقِفُوۤاْ } وجدوا ، صاروا مهانين ، صاغرين { إِلاَّ } المعتصمين منهم { بِحَبْلٍ } موفق { مِّنَ } عند { ٱللَّهِ } وهو الانقياد لدين الإسلام { وَحَبْلٍ } عهد وثيق ، وذمة { مِّنَ ٱلنَّاسِ وَ } بعدما { بَآءُوا } رجعوا عن تصديق دين الإسلام المنزل لخير الأنام ، استحقوا { بِغَضَبٍ } نازل عظيم { مِّنَ ٱللَّهِ وَ } لا يمكنهم دفعه ؛ إذ { ضُرِبَتْ } تمكنت وتقررت { عَلَيْهِمُ ٱلْمَسْكَنَةُ } المذمومة الناشئة من خباثة طينتهم ، لا ترجى عزتهم أصلاً . { ذٰلِكَ } أي : ضرب الذلة والمسكنة ، والصغار والهوان عليهم { بِأَنَّهُمْ كَانُواْ } في أوان عزتهم وعظمتهم { يَكْفُرُونَ } يكذبون ويستهزئون { بِآيَاتِ ٱللَّهِ } المنزلة من عنده { وَيَقْتُلُونَ ٱلأَنْبِيَآءَ بِغَيْرِ حَقٍّ } بلا رخصة شرعية { ذٰلِكَ } الكفر والقتل الصادر منهم { بِمَا عَصَوْاْ } أي : بسبب عصيانهم وخروجهم عن إطاعة أمر الله ، والانقياد لأحكامه عتواً وعناداً { وَّ } متى عصوا { كَانُواْ يَعْتَدُونَ } [ آل عمران : 112 ] يتجاوزون عن حدود الله بالمرة ، ويقتلون من يقيمها استكباراً . { لَيْسُواْ } أي : ليس جميع أهل الكتاب { سَوَآءً } مستوية الأقدام في الاعتدال والإنكار ، بل { مِّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ } أيضاً { أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ } مستقيمة على صراط العدل { يَتْلُونَ آيَاتِ ٱللَّهِ } الدالة على توحديه { آنَآءَ ٱللَّيْلِ } أي : جميع آنائه { وَهُمْ يَسْجُدُونَ } [ آل عمران : 113 ] يصلون خاضعين ، متذللين ، واضعين جباههم على تراب المذلة ؛ تعظيماً له ، وخوفاً من خشيته ، ورجاء من سعة رحمته . وذلك لأنهم { يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ } أي : بوحدانيته { وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ } بصدقه وحقيته { وَ } مع ذلك { يَأْمُرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي ٱلْخَيْرَاتِ } المبرات المؤدية إلى إسقاط الإضافات وقطع التعليقات المستلزمة لرفع التعيينات الحاجبة عن شهود الذات { وَأُوْلَـٰئِكَ } المتصفون منهم بهذه الصفات { مِنَ ٱلصَّالِحِينَ } [ آل عمران : 114 ] لسلوك طريق الحق ، المستحقين للوصول إلى سواء التوحيد الذي هو السواد الأعظم ، المشار إليه في الحديث النبوي ، صلوات الله على قائله . { وَمَا يَفْعَلُواْ } هؤلاء الموصوفون منهم { مِنْ خَيْرٍ } طالبين فيه رضاء الله ، راجين ثوابه حقاً خائفين من عقابه { فَلَنْ يُكْفَروهُ } أي : لن ينقصوا من أجره ، بل يزادوا ويضاعفوا { وَٱللَّهُ } الهادي لجميع العباد { عَلِيمٌ بِٱلْمُتَّقِينَ } [ آل عمران : 115 ] منهم ، فيجازيهم على مقتضى علمه ، وحسب لطفه وكرمه . أدركنا بلطفك وكرمك يا أكرم الأكرمين .