Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 118-120)
Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } مقتضى إيمانكم أن { لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً } صديقاً وصاحب سر ، تستودعون سرائركم عنده { مِّن دُونِكُمْ } أي : الكفار دون المؤمنين ، واعلموا أنهم { لاَ يَأْلُونَكُمْ } لا يمنعون عنكم ولا يقصرون في شأنكم { خَبَالاً } ضرراً وفساداً ، بل { وَدُّواْ } رجوا دائما { مَا عَنِتُّمْ } أي : ضرركم وهلاككم ، ومن غاية وداتدتهم { قَدْ بَدَتِ } ظهرت { ٱلْبَغْضَآءُ } المكنونة في نفوسهم { مِنْ أَفْوَاهِهِمْ } بلا قصد واختبار { وَ } لا شك أن { مَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ } قصداً واختياراً { أَكْبَرُ } مما تبدي أفواههم وألسنتهم هفوة واضطراراً { قَدْ بَيَّنَّا } أوضحنا { لَكُمُ } أيها المؤمنون { الآيَاتِ } المتعلقة لأمور معاشكم ومعادكم { إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ } [ آل عمران : 118 ] تفهمون مقصادها ، وتتعظون بها ، وتعملون بمقتضاها . { هَآأَنْتُمْ } أيها المؤمنون { أُوْلاۤءِ } الخاطئون ، المغفلون الذين { تُحِبُّونَهُمْ } محبة صادقة { وَلاَ يُحِبُّونَكُمْ } إلا تلبيساً ونفاقاً { وَ } أنتم { تُؤْمِنُونَ بِٱلْكِتَابِ كُلِّهِ } أي : بجميع الكتب النازلة من عند الله على رسله ، وهم لا يؤمنون بكتابكم الجامع لما في الكتب السالفة ، { وَ } من غاية نفاقهم معكم { إِذَا لَقُوكُمْ قَالُوۤاْ } تلبيساً وتقريراً : { آمَنَّا } بدينكم وكتابكم ورسولكم { وَإِذَا خَلَوْاْ } مضوا عنكم { عَضُّواْ عَلَيْكُمُ ٱلأَنَامِلَ مِنَ } غاية { ٱلْغَيْظِ } وعدم القدرة على الانتقام والتشفي { قُلْ } يا أكمل الرسل نيابة عنا ، مخاطباً لهم على وجه التقريع والتوبيخ : { مُوتُواْ } أيها المنافقون { بِغَيْظِكُمْ } المتزايد المترقى يوماً فيوماً ، حسب ارتفاع قدر الإسلام وعلو شأنه ، ولا تأمنوا عن مكر الله وانتقامه { إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ } [ آل عمران : 119 ] يعلم ما تخفون فيها منا لكفر والنفاق ، ويجازي على مقتضى علمه ، ولا يغرب عن علمه شيء . ومن غاية حسدهم ونهاية بغضهم { إِن تَمْسَسْكُمْ } وتحيط بكم { حَسَنَةٌ } مسرة مفرحة لنفسوكم { تَسُؤْهُمْ } وتشق عليه من كمال عداوتم ونفاقهم { وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ } مملة مؤلمة { يَفْرَحُواْ بِهَا } تشفياً وتفرجاً ، شامتين بها ، سارين عليها { وَإِن تَصْبِرُواْ } على غيظهم وأذاهم { وَتَتَّقُواْ } وترجعوا إلى الله مفوضين أموركم إليه يحفظكم عن جميع ما يؤذيكم ، بحيث { لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ } مكرهم وحيلتهم { شَيْئاً } من الضرر { إِنَّ ٱللَّهَ } المطلع لسرائرهم وضمائرهم { بِمَا يَعْمَلُونَ } من الحيل والمخايل { مُحِيطٌ } [ آل عمران : 120 ] لا يشذ عن علمه شيء ولو خطرة وطرفة . وعلى قراءة " تعملون " بالخطاب ، كان المعنى { إِنَّ ٱللَّهَ } الموفّق لكم على دين الإسلام { بِمَا يَعْمَلُونَ } من الصبر والتقوى ، والتفويض والرضوخ إلى المولى { مُحِيطٌ } حاضر ، غير مغيَّب عنكم وعن علمكم .