Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 178-180)
Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَلاَ يَحْسَبَنَّ } المفسر بقراءة : " ولا تحسبن " يا أكمل الرسل { ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ } أي : إمهالنا إياهم في النشأة الأولى { خَيْرٌ لأَنْفُسِهِمْ } ولهم فيه نفع وعزة ، بل { إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوۤاْ إِثْمَاً } موجباً للعذاب { وَلَهْمُ } في النشأة الأخرى { عَذَابٌ مُّهِينٌ } [ آل عمران : 178 ] مذل ومخز ؛ جزاء لاستكبارهم واستعدائهم في الدنيا . ثم لما اختلط المنافقون مع المؤمنين ، وتشاركوا في إظهار الإيمان ، والقول به على طرفي اللسان بلا اعتقاد منهم وإخلاص ، أراد سبحانه أن يبيِّن ويميِّز المؤمن من المنافق ، والمخلص من المرائي فقال : { مَّا كَانَ ٱللَّهُ } المطلع لضمائر عباده { لِيَذَرَ } وليترك { ٱلْمُؤْمِنِينَ } المخلصين { عَلَىٰ مَآ أَنْتُمْ عَلَيْهِ } من الالتباس والمشاركة مع اهل الكفر والنفاق بحسب الظاهر ، بل يختبر ويمتحن إخلاصكم بأنواع البليات والمصيبات { حَتَّىٰ يَمِيزَ } ويفصل { ٱلْخَبِيثَ } المنافق ، المصر على النفاق { مِنَ ٱلطَّيِّبِ } المؤمن ، الموقن بتوحيد الله ، الراضي بما جرى عليه من قضائه . { وَ } بعد تميزه وفصله سبحانه { مَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ } أي : جميعكم { عَلَى ٱلْغَيْبِ } الذي هو الاطلاع على خفيات ضمائر عباده { وَلَكِنَّ ٱللَّهَ } المحيط بجميع القابليات { يَجْتَبِي } ويختار { مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَآءُ } بأن يوحي إليه ، ويلهمه التمييز بين استعدادات عباده للإيمان والكفر ، وإذا كان أمركم عند الله ورسوله { فَآمِنُواْ } أيها المؤمنون { بِٱللَّهِ } المميز لكم أصالة { وَرُسُلِهِ } الملهمين بالتمييز بأمره تبعاً { وَإِن تُؤْمِنُواْ } وتحافظوا على شعائر الإيمان بعدما آمنتم { وَتَتَّقُواْ } عن مخالفاته { فَلَكُمْ } عند الله { أَجْرٌ عَظِيمٌ } [ آل عمران : 179 ] هو إيصالكم إلى التحقيق بمقام العبودية والتوحيد ؛ إذ لا أجر أعظم منه . { وَ } من جملة الأمور التي يجب الاتقاء والتحرز عنه : البخل { لاَ يَحْسَبَنَّ } البخلاء { ٱلَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَآ آتَاهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ } اختيارهم تدخيراً أو توريثاً لأولادهم { هُوَ } أي : البخل { خَيْراً لَّهُمْ } ينفعهم عند الله ، ويثيبهم به أو يدفع عنهم العذاب بسببه { بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ } يستجلب العذاب عليهم ؛ إذ هم { سَيُطَوَّقُونَ } ويسلسلون مع { مَا بَخِلُواْ بِهِ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ } ويسحبون على وجوههم إلى نار البعد والحرمان ؛ جزاء لبخلهم الذي كانوا عليها . { وَ } اعلموا أيها المؤمنون { للَّهِ } لا لغيره ؛ إذ لا غير { مِيرَاثُ } أي : حيازة وإحاطة ما في { ٱلسَّمَٰوَٰتِ } أي : عالم الأرواح { وَ } ما في { ٱلأَرْضِ } أي : علام الأجسام تملكاً وتصرفاً ، لا ينازعه في ملكه ، ولا يشارك في سلطانه ، له الحكم ، وإليه الرجوع في جميع ما كان ويكون { وَٱللَّهُ } المتوحد ، المتفرد في ملكوته وجبروته { بِمَا تَعْمَلُونَ } من التصرفات الجارية { خَبِيرٌ } [ آل عمران : 180 ] لا يغيب عن شيء من أفعالكم وأقوالكم .