Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 39, Ayat: 50-53)
Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وليس هذا مخوصاً بهؤلاء الكفرة التائهين في تيه الغفلة والكفران ، بل { قَدْ قَالَهَا } أي : الكلمة المخصوصة التي من جملة : { إِنَّمَآ أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ } [ الزمر : 49 ] الكافرون المسرفون { ٱلَّذِينَ } مضوا { مِن قَبْلِهِمْ } مثل قارون وغيره { فَمَآ أَغْنَىٰ } أي : كفى ودفع { عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } [ الزمر : 50 ] من الزخارف شيئاً من عذاب الله حين أحاط بهم ونزل عليهم العذاب ، فكذلك ما أغنى عن هؤلاء امتعتهم شيئاً من العذاب حين حلوله . { فَأَصَابَهُمْ } أي : الكفرة الماضين في النشأة الأولى { سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُواْ } مثل الخسف والكسف والغرق وغيرها { وَٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْ هَـٰؤُلاَءِ } الكفرة المستخلفين منهم ، القائلين بقولهم ؛ يعني : قريشاً { سَيُصِيبُهُمْ } عن قريب { سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُواْ } أمثال أولئك الهالكين { وَمَا هُمْ } أي : هؤلاء { بِمُعْجِزِينَ } [ الزمر : 51 ] الله القادر المقتدر على أنواع التعذيب والانتقام ، فقُتل صناديدهم يوم بدر ، وقُحطوا سبع سنين ، ثم وسع عليهم رزقهم ، ليتنبهوا أن مقاليد الأمور بيده ، وخزائن الرزق من عنده ، ومع ذلك لم يعلموا . { أَوَلَمْ يَعْلَمُوۤاْ } ولم يتنبهوا { أَنَّ ٱللَّهَ } المتكفل بأرزاق عباده { يَبْسُطُ ٱلرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ } من عباده { وَيَقْدِرُ } أي : يقبض عمن يشاء منهم إرادة واختياراً على مقتضى علمه بتفاوت استعداداتهم الفطرية وقابلياتهم الجبلية الفائضة عليهم من الحكيم الوهاب { إِنَّ فِي ذَلِكَ } القبض والبسط المستلزمين للدقائق والرقائق الغير المحصورة في الأمور الإلهية { لآيَاتٍ } براهني واضحات على حكمة القدير العليم { لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } [ الزمر : 52 ] بذات الله ، وكمال أوصافه وأسمائه . وبعدما تنبهوا على حقية الحق وتفطنوا دلائل توحيده { قُلْ } لهم يا أكمل الرسل نيابة عنَّا ، منادياً لهم على وجه الاختصاص ، مضيفاً لهم إلينا عطفاً ولطفاً : { يٰعِبَادِيَ ٱلَّذِينَ أَسْرَفُواْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ } طول دهرهم قبل انكشاف الأغطية والسدل عن عيون بصائرهم : { لاَ تَقْنَطُواْ } ولا تيأسوا { مِن } فيضان { رَّحْمَةِ ٱللَّهِ } عليكم بعد انكشافها ورفعها { إِنَّ ٱللَّهَ } المطلع على ضمائر عباده ونياتهم { يَغْفِرُ } ويستر { ٱلذُّنُوبَ } التي صدرت عنكم حين غفلتكم { جَمِيعاً } وكيف لا يغفرها سبحانه { إِنَّهُ } بمقتضى ذاته وأوصافه وأسمائه { هُوَ ٱلْغَفُورُ } المقصود على العفو والستر لعموم عباده ، سيما على أهل التوحيد منهم { ٱلرَّحِيمُ } [ الزمر : 53 ] لهم يوصلهم بعد رفع الحجب عنهم إلى مقر التجريد والتفريد .