Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 176-176)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ يَسْتَفْتُونَكَ } يا أكمل الرسل عن ميراث الكلالة : كيف يُقسم ؟ { قُلِ } لهم : { ٱللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي ٱلْكَلاَلَةِ } في أوائل السورة ، ويعيد في آخرها ، تأكيداً أو مبالغةً ، وهي آخر ما نزلت في الأحكام { إِن ٱمْرُؤٌ هَلَكَ } وحين هَلَك { لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ } لا ذكر ولا أنثى { وَ } الحال أن { لَهُ أُخْتٌ } من الأبوين أو الأب { فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ } الهالك { وَ } ذا هلكت الأخت { هُوَ يَرِثُهَآ } جميع مالها { إِن لَّمْ يَكُنْ لَّهَآ وَلَدٌ } لا ذكر ولا أنثى . { فَإِن كَانَتَا } الأختان { ٱثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا ٱلثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ } أخوهما { وَإِن كَانُوۤاْ } أي : الوارثون { إِخْوَةً } وأخواتٍ مختلطين { رِّجَالاً وَنِسَآءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ ٱلأُنثَيَيْنِ } من متروكات أخيهم ، وإنمَّا { يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمْ } حكم الكلالة هاهنا ، مع أنه بيَّنه في ما مضى ؛ كراهة { أَن تَضِلُّواْ } وتغفلوا عنها { وَٱللَّهُ } المدبر لأموركم { بِكُلِّ شَيْءٍ } من حوائجكم المتعلقة بحياتكم ومماتكم { عَلِيمٌ } [ النساء : 176 ] يعلمكم ، وينبهكم عليه حتى لا تذهلوا وتنصفوا به . خاتمة السورة عليك أيها الطالب لتحقيق الحق ، القاصد نحو توحيده - أوصلك الله إلى أقصى مرامك - أن تتمسك بالبرهان الواضح الذي وصل إليك من الرسول صلى الله عليه وسلم ، الدال على توحيد الحق ، وتستنير بنور القرآن الفارق بين الحق والباطل ، الواقع في طريقه ، وتمتثل بما فيه من الأوامر المؤدية إليه ، وتجنب عن نواهيه المضلة ، المبعدة عنه ، وتتخلق بعزائمه المكنونة في ضمن الأحكام والقصص المذكورة فيه ؛ لتتحقق بما رمز فيه من غوامض سر التوحيد ، وسريان الوحدة في ملابس الكثرة ، وتتمكن في مقر الوحدة الذاتية ، المفنية للهويات الباطلة ، الزائلة في أنفسها . ولا يتيسر لك هذا إلا بطول خدمة المرشد الكامل ، المكمل الذي يرشدك إلى الله امتداد حبل الله الممدود من أزل الذات إلى أبد الأسماء والصفات ، ألا وهو القرآن المنزل على خير الأنام كما قال صلى الله عليه وسلم : " القرآن حبل الله ، ممدود من السماء إلى الأرض " . فمن أراد أن يغوص في لحجج بحار القرآن ، لاستخراج فرائد اليقين والعرفان ، فعليه أن يتمسك أولاً بالأحكام الشرعية الفرعية التي استنبطها أرباب العزائم الصحيحة عن ظواهر كلم القرآن ؛ ليكون مهذباً لظواهر أصحاب اليقظة من أهل الطلب والإرادة حتى تستعد بها نفوسهم ، وتتصفى بواطنهم لأن يفيض عليها رشحات بحر التوحيد ، ويصبر قابلاً لأن ينزل عليها سلطان العشق والمحبة ؛ إذ الوقاية للب التوحيد إنما هي أحكام الشريعة ، وآداب الطريقة للسالكين ، القاصدين نحو الحقيقة بالسلوك والمجاهدة . وأم البدلاء المستغرقون في بحر الذات ، الهائمون بمطالعة جماله ، الفانون فيه مطلقاً ، فهم هو ، وهو هم ، ما لنا ومالهم حتى تتكلم عنهم ، جعلنا الله من خدَّام وتراب أقدامهم . فعليك أيها المريد ، العازم لسلوك طريق الفناء ، الجازم ، الحازم في هذا العزم أن تصفي أولاً سرك وسريرتك عن التوجه إلى غير الحق ، وتجعل مطلبك ومقصودك الاستغراق والفناء في بحر الوحدة . لا يتيسر لك هذا إلا بعد كسر سفينة هويتك الباطلة ، ولا يتيسر كسرها إلا بالرياضاتت الشاقة من الجوع والعطش والسهر المفرط ، والانقطاع عن اللذات الحسية والمشتهيات النفسية بالتلذذ بالمودة والفناء ، والصبر على البلاء ، والرضا على ما جرى عليه القضاء ، ومتى تحققت هذه الأمور فيك ، وَهَن هويتك ، وضعف سفينتك ، وحينئذٍ يمكنك كسرها إن وفقت بها . زين بلطفك ظواهرنا بشريعتك ، وبواطننا بحقيقتك ، وأسرارنا بمشاهدتك وأرواحنا بمعاينتك ، إنك على ما تشاء قدير ، وبرجاء المؤمنين جدير .