Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 1-3)
Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ } الذين نسوا الموطن الأصلي ، والمنزل الحقيقي بزخرفة الدنيا المانعة من الوصول إليه ، عليكم الاتقاء من غوائلها ، والأجتناب عن مخايلها ، حتى لا تنحطوا عن مرتبتكم الأصلية ومكانكم الحقيقي { ٱتَّقُواْ } أي : اجتنبوا والتجئوا { رَبَّكُمُ ٱلَّذِي } رباكم بحسن التربية ، بأن { خَلَقَكُمْ } أظهركم وأوجدكم أولاً { مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ } هي المرتبة الفعالى ، المحيطة بجميع المراتب الكونية والكيانية ، وهي المرابت الجامعة المحمدية ، المسماة بالعقل الكلي ، والقلم الاعلى ؛ تكميلاً لباطنكم وغيبكم . { وَخَلَقَ مِنْهَا } بالنكاح المعنوي والزواج الحقيقي الواقع بين الأوصاف والأسماء الإلهية { زَوْجَهَا } التي هي الكلية القابلة الفيضان عموم الآثار الصادرة من المبدأ المختار ؛ تتميماً لظاهركم وشهادتكم ، حتى استحقوا الخلافة والنيةبة بحسب الظاهر والباطن { وَ } بعد جعلهما زوجين كذلك { بَثَّ } بسط ونشر { مِنْهُمَا } أيضاً بتلك النكاح المذكور { رِجَالاً كَثِيراً } فواعل مفيضات { وَنِسَآءً } قوابل مستفيضات كل لنظيرتها ، على تفاوت دقائق المناسبات الواقعة بين التجليات الحبية على الوجه الذي بينتها الكتب والرسل . ولما كان الرب من الأسماء التي تتفاوت بتفاوت المربوب ، صرح بألوهيته المستجمعة لجميع الأوصاف والأسماء بلا تفاوت ، تأكيداً ومبالغةً لأمر التقوى ، فقال : { وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } أي : واحذروا عمَّا يشغلكم عنه سباحنه ، مع أنه أقرب إليكم من حبل وريدكم ؛ إذ هو { ٱلَّذِي تَسَآءَلُونَ } تتساءلون وتتنافسون { بِهِ } وتتوهمون بعده من غاية قربه { وَ } احفظوا { ٱلأَرْحَامَ } المنبئة عن النكاح المعنوي والزواج الحيي على الوجه الذي ذكره { إِنَّ ٱللَّهَ } المحيط بكم وبأحوالكم { كَانَ عَلَيْكُمْ } دائماً { رَقِيباً } [ النساء : 1 ] حفيظاً يحفظكم عمَّا لا يغنيكم إن أخلصتم التوجه . ومن جملة الأمور التي يجب المحافظة عليها أيها المأمورون بالتقوى : حقوق اليتامى ، فعليكم أيها الأولياء والأوصيا أن تحفظوا مال اليتيم حين موت أبيه أو جده ، وتزيدوه بالمرابحة والمعاملة ، وتصرفوا بقدر الكفاف . { وَ } بعد البلوغ { آتُواْ ٱلْيَتَامَىٰ } قبل البلوغ ؛ إذ لا يتم بعد البلوغ { أَمْوَالَهُمْ } المحفوظة ، الموروثة من آبائهم { وَ } عليكم حين الأداء أن { لاَ تَتَبَدَّلُواْ ٱلْخَبِيثَ } الرديء من أموالكم { بِٱلطَّيِّبِ } الجيِّد من أموالهم { وَ } أيضاً ، عليكمإن أردتم التصرف في أموالهم مقدار معاشهم أن { لاَ تَأْكُلُوۤاْ أَمْوَالَهُمْ إِلَىٰ أَمْوَالِكُمْ } أي : مع أموالكم مختلطين { إِنَّهُ } أي : التصرف في أموالهم بلا رعاية غبطتهم { كَانَ حُوباً كَبِيراً } [ النساء : 2 ] إثماً عظيماً ، مُسقطاً للمروءة بالمرة . { وَإِنْ خِفْتُمْ } أيها الأولياء { أَلاَّ تُقْسِطُواْ } ولا تعدلوا { فِي } حفظ { ٱلْيَتَامَىٰ } النساء اللاتي لهن مال وجمال { فَٱنكِحُواْ مَا طَابَ لَكُمْ مِّنَ ٱلنِّسَآءِ } البالغة مقدار ما يسكن مليكم إلى اليتامى وشهوتكم إليهن { مَثْنَىٰ وَثُلَٰثَ وَرُبَٰعَ } أي : اثنين اثنين ، وثلاث ثلاث ، وأربعة أربعة ، على تفاوت ميولكم إن حفظتم العدالة بينهن . { فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَٰحِدَةً } أي : فلكم نكاح الواحدة ؛ لتأمنوا من الفتنة ، سواء كانت من الحرائر { أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَٰنُكُمْ } من الإماء ، ثم لمَّا لم يكن في الإسلام رهبانية ؛ لأن الحكمة تقتضي عدمها ، كما أشار إلأيه صلى الله عله وسلم بقوله : " لا رهبانية في الإسلام " ، نبه سبحانه على أقل مرتبة الزواج الصوري ، المنبئ عن النكاح المعنوي والارتباط الحقيقي بقوله : { ذٰلِكَ } أي : نكاح الواحدة ، والقناعة بالإماء { أَدْنَىٰ } مرتبة الزواج على الذين يخافون { أَلاَّ تَعُولُواْ } [ النساء : 3 ] أي : من كثرة العيال .