Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 44, Ayat: 1-9)
Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ حـمۤ } [ الدخان : 1 ] يا حافظ حدود الله ومراقب وحيه في عموم أوقاتك وحالاتك . و { وَ } حق { ٱلْكِتَابِ ٱلْمُبِينِ } [ الدخان : 2 ] الذي هو القرآن العظيم الذي { لاَّ يَأْتِيهِ ٱلْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ } [ فصلت : 42 ] . { إِنَّآ } من مقام عظيم جودنا { أَنزَلْنَاهُ } أي : ابتدأنا إنزاله إليك تأييداً لأمرك وتعظيماً لشأنك { فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ } كثيرة الخير والبركة ، هي ليلة القدر أو البراءة ، وإنما أنزلناه مشتملاً على الأحكام والمواعظ والعبر والأمثال والقصص والتواريخ والرموز والإشارات المنبهة على المعارف والحقائق { إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ } [ الدخان : 3 ] مخوفين بإنزال ما فيه من الأوامر والنواهي الوعيدات الهائلة على من انصرف عن جادة العدالة الإلهية وانحرف عن الطريق المستبين . وإنما أنزلناه إليك في ليلتك هذه ؛ إذ { فِيهَا يُفْرَقُ } يميز ويفصل عندك يا أكمل الرسل بعدما تمكنت في مقر العز والتمكين { كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ } [ الدخان : 4 ] أي : محكم صادر عن محض الحكمة المتقنة الإلهية ، ولهذا صار ما ذكر في كتابك هذا { أَمْراً } محكماً مبرماً نازلاً { مِّنْ عِنْدِنَآ } على مقتضى كمال علمنا وقدرتنا ووفور حكمتنا ؛ ليكون هداية لك وإرشاداً لعموم عبادنا ، المتابعين لك المهتدين بهدايتك { إِنَّا كُنَّا } في عموم الأوقات { مُرْسِلِينَ } [ الدخان : 5 ] رسلاً مبشرين ومنذرين ، منزلين عليهم كتباً مبينة مصلحة لأحوال عبادنا ، بعدما أفسدوا على أنفسهم . وصار ذلك الإرسال والإنزال { رَحْمَةً } نازلة { مِّن رَّبِّكَ } يا أكمل الرسل سنة سنية مستمرة بين عموم عباده حين ظهر الفساد فيهم ، وبالجملة : أنه سبحانه { هُوَ ٱلسَّمِيعُ } لمناجاة عباده نحوه بألسنة استعداداتهم { ٱلْعَلِيمُ } [ الدخان : 6 ] لحاجتهم ونياتهم فيها . وكيف لا يرحمهم ولا يصلح أحوالهم مع أنه هو بذاته { رَبِّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَآ } السياق يدل على أن التفسير على قراءة : { رَبِّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ } على قراءة ابن عامر وغيره من الكوائن المركبة منها ، يعني : مربي الكل ومظهره بالاستقلال والانفراد إن { كُنتُم مُّوقِنِينَ } [ الدخان : 7 ] أي : من أرباب المعرفة واليقين ، فاعرفوه كذلك ووقروه . إذ { لاَ إِلَـٰهَ } ولا موجود في الوجود { إِلاَّ هُوَ } بصرافة وحدته وتنزهه عن وصمة الشركة مطلقاً هو { يُحْيِـي وَيُمِيتُ } أي : يظهر ويوجد ما يظهر ، ويعدم ما يعدم ، بمد ظله إليه وقبضه عنه ؛ إذ هو سبحانه { رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَآئِكُمُ ٱلأَوَّلِينَ } [ الدخان : 8 ] لا مربي لكم ولهم سواه ، لو تأمل عموم العباد في دلائل توحيده سبحانه ، ونظروا في آيات ألوهيته وربوبيته ، لعرفوا يقينا وحدة ذاته { بَلْ هُمْ } أي : أكثرهم { فِي شَكٍّ } أي : غفلة وتردد { يَلْعَبُونَ } [ الدخان : 9 ] ويترددون في أودية الظنون والجهالات حسب آرائهم الفاسدة وأهويتهم الباطلة .