Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 45, Ayat: 33-37)
Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَ } بالجملة : { بَدَا } وظهر { لَهُمْ } بعدما تُبلى السرائر ، وانكشفت الحجب والأستار { سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُواْ } مصرين عليه ، وعرفوا وخامة عاقبته { وَ } حينئذ { حَاقَ } وأحاط { بِهِم } جزاء { مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ } [ الجاثية : 33 ] . { وَقِيلَ } لهم حينئذ من قبل الحق { ٱلْيَوْمَ نَنسَاكُمْ } نترككم في النار خالدين { كَمَا نَسِيتُمْ } ونبذتم وراء ظهوركم { لِقَآءَ يَوْمِكُمْ هَـٰذَا } بل أنكرتم لقياه ، وكذبتم الرسل المبلغين لكم أخباره ، المنذرين لكم من أهواله { وَ } بالجملة : { مَأْوَاكُمُ ٱلنَّارُ } أبداً ، لا منزل لكم سواه { وَمَا لَكُمْ مِّن نَّاصِرِينَ } [ الجاثية : 34 ] منقذين لكم منها بعدما استوجبتم بها بمفاسد أعمالكم ومقابح أفعالكم . { ذَلِكُم } الذي وقعتم فيها وابتُليتم بها { بِأَنَّكُمُ } بسبب أنكم { ٱتَّخَذْتُمْ ءَايَٰتِ ٱللَّهِ } الدالة على الرشاد والهداية { هُزُواً } محل استهزاء ، واستهزأتم بها بلا مبالاة بشأنها ، وأنكرتم عليها بلا تأمل وتفكر في برهانها { وَ } أيضاً بسبب أنكم { غَرَّتْكُمُ ٱلْحَيَاةُ ٱلدُّنْيَا } ولذاتها وشهواتها ، بحيث لا تلتفتون إلى العقبى ولذاتها الأبدية ، بل تنكرون عليها عناداً ومكابرة { فَٱلْيَوْمَ لاَ يُخْرَجُونَ مِنْهَا } أي : من النار المترتبة على ذلك الاتخاذ والغرور { وَلاَ هُمْ يُسْتَعَتَبُونَ } [ الجاثية : 35 ] أي : لا يمكنهم أن يعتذروا عند الله ، ويتداركوا ما فوتوا على أنفسهم بالتوبة والإنابة ؛ إذ قد انقرض أوانه ومضى زمانه . وبعدما ثبت أن مرجع الكل إلى الله ومحياه ومماته بيده ، وله أن يثيب ويعاقب عباده على مقتضى فضله وعدله { فَلِلَّهِ } على وجه الاختصاص لا لغيره من الوسائل والأسباب العادية { ٱلْحَمْدُ } المستوجب لجمع الأثنية ، والمحامد الصادرة من ألسنة ذرائر مظاهره ، لكونه { رَبِّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ } أي : العلويات { وَرَبِّ ٱلأَرْضِ } أي : السفليات ، ورب ما يتركب منهما من الممتزجات ، وبالجملة : { رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } [ الجاثية : 36 ] أي : مربي الكل ، هو بذاته علواً وسفلاً ، بسيطاً ومركباً ، غيباً وشهادةً . { وَلَهُ ٱلْكِبْرِيَآءُ } والعظمة { فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ } تدبيراً وتصرفاً ، حلاً وعقداً ؛ إذ ظهور الكل من آثار أوصافه وأسمائه { وَهُوَ ٱلْعِزِيزُ } الغالب على عموم تدابيره وتقاديره ، إرادة واختياراً { ٱلْحَكِيمُ } [ الجاثية : 37 ] المتقن في جميع مقدوراته ومراداته على الوجه الأبلغ الأحكم . فعليكم أيها المجبولون على فطرة العبودية والعرفان : أن تحمدوه وتكبرا ذاته ، وتشكروا نعمه ؛ لتؤدوا شيئاً من حقوق كرمه ، إن كنتم مخصلين . جعلنا من زمرة الحامدين المخلصين . خاتمة السورة عليك أيها السالك المتحقق بمقام الرضا والتسليم ، المنكشف بعظمة الله وكمال كبريائه وعلو شأنه وبهائه : أن تواظب وتلازم على أداء الشكر له ، ملاحظاً نعمه الفائضه المترادفة عليك ، المتجددة آناً فآناً ، بحيث تستغرق جميع أوقاتك وحالاتك بشكره سبحانه ؛ إذ علامة العارف الواصل ألا رى في مملكة الوجود سواه سبحانه ، ولا يتكلم إلا به ومعه وفيه وله ، لا إله إلا هو ، ولا نعبد إلا إياه .