Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 46, Ayat: 16-19)
Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ أُوْلَـٰئِكَ } السعداء المولعون على شكر نعم الله وأداء حقوق الوالدين ، وحسن المعاشرة معهما ، والإحسان إليهما ، هم { ٱلَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ } التفسير جرى على قراءة ابن عامر ونافع مغيرهما : " يتقبل عنهم أحسن ما عملوا ويتجاوز عن … الآية " ، ولكن سياق " ويتجاوز " سبحانه لا تدل إلا على قراءة المطوعي - بفتح الياء - وهي قراءة شاذة ولكنها تذكر ضمن القراءات الأربع عشرة " يتقبل عنهم " بقبلو حسن { أَحْسَنَ مَا عَمِلُواْ } مخلصين فيه ، طالبين رضاء الله ، مجتنبين عن سخطه { وَنَتَجَاوَزُ } ويتجاوز سبحانه { عَن سَيِّئَاتِهِمْ } بعدما تابوا ، ورجعوا نحوه نادمين ، وهم { فِيۤ أَصْحَابِ ٱلْجَنَّةِ } ومعهم ، آمنون فائزون لا خوف عليهم ، ولا هم يحزنون ، إنجازاً لما وعد لهم الحق { وَعْدَ ٱلصِّدْقِ ٱلَّذِي كَانُواْ يُوعَدُونَ } [ الأحقاف : 16 ] في النشأة الأولى . وبعدما وصى سبحانه بما وصى من رعاية حقوق الوالدين ، وما يترتب عليها من الفوز العظيم عقبه بضده ، وهو عقوق الوالدين ، وما يترتب عليها من العذاب الأليم فقال : { وَٱلَّذِي } أي : والمسرف المتناهي الذي { قَالَ لِوَالِدَيْهِ } من فرط سرفه وعصيانه وشدة عقوقه عليهما حين دعواه إلى الإيمان والتوحيد ، واجتهد أن يخلصاه من ظلمة الشرك والتقليد ، وعن أهوال يوم القيامة وأفراغها : { أُفٍّ } أي : أتضجر { لَّكُمَآ أَتَعِدَانِنِيۤ } وتخوفانني من العذاب والنكال بعد أن { أُخْرَجَ } من قبري حيّاً { وَ } الحال أنه { قَدْ خَلَتِ } ومضت { ٱلْقُرُونُ } الماضية { مِن قَبْلِي } ولم يخرج أحد منهم من قبره حيّاًن فإنَّا أيضاً لا أخرج أمثالهم ، والحال أنه هو يصر على هذا { وَهُمَا } من مال تحننهما وترحمهما { يَسْتَغِيثَانِ ٱللَّهَ } ويطلبان الغوث والتوفيق منه سبحانه لأجل إيمانه قائلين له على وجه المبالغة في التخويف : { وَيْلَكَ } أي : ويل وهلاك ينزل عليك أيها المسرف لو لم تؤمن { آمِنْ } بالله ، وبجميع ما جاء من عنده في النشأة الأولى والأخرى أن { وَعْدَ ٱللَّهِ } بعموم المواعيد والوعيدات الصادرة منه سبحانه على ألسنة رسله وكتبه { حَقٌّ } لا خلف فيه ، سينجزه الله القادر المقتدر على وجوه الانتقام والإنعام { فَيَقُولُ } بعدما سمع منهما ما سمع من شدة إصراره وإنكاره : { مَا هَـٰذَآ } الذي جئتما به على سبيل العظة والتذكير { إِلاَّ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ } [ الأحقاف : 17 ] أي : أباطليهم الزائغة ، لمجرد الترغيب والترهيب . وبالجملة : { أُوْلَـٰئِكَ } الأشقياء المردودون عن ساحة عز القبول هم { ٱلَّذِينَ حَقَّ } أي : ثبت وتحقق { عَلَيْهِمُ ٱلْقَوْلُ } والحكم من الله المطلع بما في صدور عباده من الغل والغواية ، بأنهم أصحاب النار المعدودون { فِيۤ } زمرة { أُمَمٍ } هالكة مستحقة لعذاب { قَدْ خَلَتْ } ومضت { مِن قَبْلِهِمْ مِّنَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنسِ } أي : من جنسهما ، وبالجملة : { إِنَّهُمْ } بأجمعهم { كَانُواْ خَاسِرِينَ } [ الأحقاف : 18 ] مضيعين على أنفسهم كرامة مرتبة الخلاقة والنيابة الإلهية الموعودة في النشأة الإنسانية . { وَ } اعلما أن { لِكُلٍّ } من المحقين والمبطلين { دَرَجَٰتٌ } من الثواب والعقاب متفاوتة شدةً وضعفاً ، ورفعةً ودناءةً ، منتشئة { مِّمَّا عَمِلُواْ } مترتبة عليه خيراً كان أو شراً ، حسنات أو سيئات { وَ } كل منهم متعلق بعمله ، يشاكل عليه { لِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمَٰلَهُمْ } ويوفى عليهم جزاءهم المترتب عليها درجات أو دركات { وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ } [ الأحقاف : 19 ] بالزيادة والنقصان على أجور ما كسبوا .