Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 46, Ayat: 22-25)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وبعدما سمعوا منه ما سمعوا من التوحيد { قَالُوۤاْ } له متهكمين معه مشنعين عليه { أَجِئْتَنَا } مدعياً ملتزماً { لِتَأْفِكَنَا } وتصرفنا { عَنْ آلِهَتِنَا } أي : عن عبادتهم وإطاعتهم ، ونؤمن بك وبإلهك ، وبالجملة : لا نؤمن بك ولا نصدقك في قولك { فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَآ } وتخوفنا من العذاب على الشرك الآن { إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّادِقِينَ } [ الأحقاف : 22 ] في دعواك أنه آت لا محالة . وبعدما استهزؤوا معه واستعجلوا بالعذاب الموعود { قَالَ } هود : إني أعلم بمقتضى الوحي الإلهي أنه آت ، ولا أعلم متى يأتي ؛ إذ لم يوح إلى وقت إتيانه بل { إِنَّمَا ٱلْعِلْمُ } بوقت نزوله { عِندَ ٱللَّهِ } المطلع على عموم الغيوب { وَ } إنما { أُبَلِّغُكُمْ مَّآ أُرْسِلْتُ بِهِ } وأمرت بتبليغه من عنده ؛ إذ ما على الرسول إلا البلاغ { وَلَـٰكِنِّيۤ أَرَاكُمْ } بسبب إعراضكم عن الحق وأهله وإصراركم على الشرك الباطل والضلال والزائل { قَوْماً تَجْهَلُونَ } [ الأحقاف : 23 ] عن كمال عظمة الله وعزته ، ومن مقتضيات قوته وقدرته . وبالجملة : قال هود عليه السلام ما قال ، وهم كانوا على شركهم وإصرارهم كما كانوا { فَلَمَّا رَأَوْهُ } يوماً من الأيام { عَارِضاً } سحاباً ذا عرض على الأفق { مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ } أي : متوجهاً لأمكنتهم التي كانوا متوطنين فيها ، وكانوا حينئذ ، قد حبس عليهم القطر ، فلما رأوها حينئذ { قَالُواْ } فرحين مستبشرين : { هَـٰذَا عَارِضٌ } مبارك توجه نحو بلادنا هو { مُّمْطِرُنَا } مطراً عظيماً ، وهم استدلوا بسواده إلى كثرة مائه ، وبعدما استبشروا في ما بينهم ، قال هود : { بَلْ هُوَ مَا ٱسْتَعْجَلْتُم بِهِ } واستبشرتهم باستقباله { رِيحٌ } عاصفة لا راحة فيها بل { فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ } [ الأحقاف : 24 ] لا عذاب أشد منه . إذ { تُدَمِّرُ } وتهلك { كُلَّ شَيْءٍ } ذي حياة { بِأَمْرِ رَبِّهَا } وبمقتضى مشيئته ، وبعدما وصلت الريح دمرتهم تدميراً إلى حيث استأصلهم { فَأْصْبَحُواْ لاَ يُرَىٰ } منهم { إِلاَّ مَسَاكِنُهُمْ } أي : سوى دورهم الخربة وأطلالهم المندرسة ، وليس هذا مخصوصاً بهم بل { كَذَلِكَ نَجْزِي } عموم { ٱلْقَوْمَ ٱلْمُجْرِمِينَ } [ الأحقاف : 25 ] الخاريجن عن ربقة عبوديتنا بارتكاب الجرائم والآثام .