Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 5, Ayat: 17-18)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ لَّقَدْ كَفَرَ } وأعرض عن الحق ، ولم يعرف حق قدره { ٱلَّذِينَ } بالغوا في وصف عيسى عليه السلام ، وغالوا فيه إلى أن { قَآلُوۤاْ } على سبيل الحصر ، { إِنَّ ٱللَّهَ } المتجلي في الآفاق { هُوَ ٱلْمَسِيحُ ٱبْنُ مَرْيَمَ قُلْ } لهم يا أكمل الرسل تبكتاً لهم وإلزاماً : { فَمَن يَمْلِكُ } يدفع ويمنع { مِنَ ٱللَّهِ شَيْئاً } من مراداته ومقدوراته { إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ } أي : يبقي على الهلاك الأصلي ، والفناء الجبلي بلا مدّ من ظله ، ورش من نوره { ٱلْمَسِيحَ ٱبْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً } لا يبالي الله به وبهم ؛ إذ { وَللَّهِ } المنزه عن الأكوان مطلقاً { مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا } متصرف فيها حسب إرادته واختياره إيجاداً وإعداماً { يَخْلُقُ } ويظهر { مَا يَشَآءُ } بلطفه ، ويعدم ويخفي ما يشاء بقهره { وَٱللَّهُ } المتصف بجميع أوصاف الكمال { عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ } مقدر إرادته { قَدِيرٌ } [ المائدة : 17 ] لا تفتر قدرته ، ولا تنتهي إرادته ومشيئته . { وَقَالَتِ ٱلْيَهُودُ وَٱلنَّصَٰرَىٰ } من غاية مبالغتهم ، وغلوهم في حق عيسى وعزير - عليهما السلام - : { نَحْنُ أَبْنَٰؤُاْ ٱللَّهِ } إذ نعبد نبيه { وَأَحِبَّٰؤُهُ } إذ نحبهما ، وهما محبوباه { قُلْ } لهم يا أكمل الرسل : { فَلِمَ يُعَذِّبُكُم } الله { بِذُنُوبِكُم } إن كنتم صادقين في هذه الدعوة ، يعذبكم في الدنيا بالقتل والسبي والإجلاء ، وضرب الذلة والمسكنة ، وفي الآخرة بأضعاف ما في الدنيا وآلافها ، فعليكم ألاَّ تغلوا في دينكم ونبيكم ، ولا تفتروا على الله الكذب . { بَلْ أَنتُمْ } ونبيكم أيضاً { بَشَرٌ مِمَّنْ } أي : من جنس ما { خَلَقَ } الله بقدرته وأظهره حسب إرادته ، فله التصرف فيكم وفيهم { يَغْفِرُ لِمَن يَشَآءُ } تفضلاً وامتناناً { وَيُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ } عدلاً وانتقاماً { وَ } اعلموا أن { للَّهِ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا } يتصرف فيها كيف يشاء إرادة واختياراً { وَإِلَيْهِ } لا إلى غيره { ٱلْمَصِيرُ } [ المائدة : 18 ] والرجع ؛ إذ الكل منه بدأ ، وإليه يعود .