Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 48-50)
Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ وَ } بعدما انقرض عيسى - صلوات الرحمن عليه - { أَنزَلْنَآ إِلَيْكَ } يا أكمل الرسل ، وخاتم النبيين { ٱلْكِتَابَ } الجامع لجميع الكتب السالفة متلبساً { بِٱلْحَقِّ } والصدق { مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ } جنس { ٱلْكِتَابِ } المنزل على الرسل الماضين { وَ } مع كونه مصدقاً { مُهَيْمِناً عَلَيْهِ } مستحضراً لما فيه ، يحفظه عن التحريف والتغيير ؛ إذ الكتب الإلهية كلٌّ لا حق منها يحفظ حكم سابق ، ويصونه عن التطرق والتحريف ، وإن كان مشتملاً على نسخ وتغيير إلهي بحسب الزمانين ومقتضى المرتبتين { فَٱحْكُم } أيضاً { بَيْنَهُم } مطابقاً { بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ } إليك في كتابه { وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَآءَهُمْ } الباطلة ؛ ميلاً ومداهنة ، ولا تنحرف { عَمَّا جَآءَكَ مِنَ ٱلْحَقِّ } الصريح ، لائق للحكمة الإلهية المقتضية للأحكام . واعلموا أيها الأمم المتوجهون نحو التوحيد المسقط لجميع الإضافات { لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً } مورداً ومذهباً تردون منها إلى بحر الوحدة { وَمِنْهَاجاً } طريقاً واضحاً ، بيَّنها الحق لأنبيائه ورسله بإنزال الكتب عليهم { وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ } الهادي لعباده إلى توحيده { لَجَعَلَكُمْ } وصيَّركم { أُمَّةً وَاحِدَةً } متحدة في المنهج والمقصد بحسب الظاهر أيضاً { وَلَـٰكِن } كثَّركم ، وعدَّد طرقكم { لِّيَبْلُوَكُمْ } ويجربكم { فِي } رعاية مقتضيات { مَآ آتَاكُم } من مواهبه ، وعطاياه الفائضة من تجلياته الحبية . { فَاسْتَبِقُوا } أيها المعترضون لنفحات الحق { الخَيْرَاتِ } الفائضة عن محض جوده فابتدروها ، وتعرضوا لمهايتها ، واعلموا أيها التائهون في سراب الإمكان { إِلَىٰ الله } المتوحد في الجود والوجود { مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً } أيها الأضلال الباطلة ، والتماثيل العاطلة المنعدمة في أنفاسها { فَيُنَبِّئُكُم } بد رفع تعيناتكم { بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ } [ المائدة : 48 ] من الإضافات المترتبة على الهويات الباطنة . ربنا آتنا من لدنك رحمة ، وهيئ لنا من أمرنا رشداً . { وَ } أيضاً أمرناك فيما أنزلنا إليك بالحق { أَنِ ٱحْكُم بَيْنَهُمْ } مطابقاً ، موافقاً { بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ } إليك في كتابه بلا ميل وانحراف عنه { وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَآءَهُمْ } المضلة { وَٱحْذَرْهُمْ } عن { أَن يَفْتِنُوكَ } ويُلبَّسوا عليك { عَن بَعْضِ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ إِلَيْكَ } بمواساتك ، وإظهار محبتك ومودتك قاصدين انحرافك ، وميلك إلى ما تهوى نفوسهم { فَإِن تَوَلَّوْاْ } أعرضوا عنك وعن حكمك . { فَٱعْلَمْ } أيها الداعي للخلق إلى الحق { أَنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ } وتتعلق مشيئته به { أَن يُصِيبَهُم } ويأخذهم { بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ } وهو التولي والإعراض عنك وعن حكمك ؛ لأنهم قد خرجوا بالإعراض عنك عن حكمك ، عن جميع حدود الله وأحكامه { وَ } لا تتعجب خروجهم { إِنَّ كَثِيراً مِّنَ ٱلنَّاسِ } الناسين للعهود الأصلية { لَفَاسِقُونَ } [ المائدة : 49 ] خارجون عن مقتضى الأحكام الإلهية وحكمه بمتابعة الأهواء الباطلة . { أَ } يعرضون ، وينصرفون عن حكمك { فَحُكْمَ ٱلْجَاهِلِيَّةِ } الناشئة من الآراء الفاسدة ، الزائفة ، الحاصلة عن تمويهات عقولهم ، القاصرة ، كأحكام متفقهة هذا العصر { يَبْغُونَ } يطلبون منك ، ويعتقدون أن الحسن والحق ما هم عليه من تلقاء أنفسهم { وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ ٱللَّهِ } المتفرد بذاته { حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ } [ المائدة : 50 ] بتوحيده وتفريده .