Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 60, Ayat: 12-13)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ثمَّ قال سبحانه منادياً لنبيه على سبيل الإرشاد والتعليم : { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ إِذَا جَآءَكَ ٱلْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ } ويقبلن منك مطلق الحقوق والحدود المعتبرة في الشرع ، سيما { عَلَىٰ أَن لاَّ يُشْرِكْنَ بِٱللَّهِ } الواحد الأحد الصمد ، المنزه عن الشريك والولد { شَيْئاً } من الإشراك { وَلاَ يَسْرِقْنَ } من حرز إنسان ماله { وَلاَ يَزْنِينَ } سواء كن محصنات أو غير محصنات { وَلاَ يَقْتُلْنَ أَوْلاَدَهُنَّ } كإسقاط جنين ، ووأد البنات وغيرها { وَلاَ يَأْتِينَ بِبُهْتَٰنٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ } يعني : لا تأتي بالمرأة بشيء فاحش إلى حيث تقذف بولدها بأنه ليس من زوجها ؛ بسبب ذلك الشيء الذي صدر عنها ، يبهت الناس بسببه ، ووقعوا في الافتراء لأجله { وَ } بالجملة : يبايعنك على أن { لاَ يَعْصِينَكَ } يا أكمل الرسل { فِي مَعْرُوفٍ } مستحسن عقلاً وشرعاً تأمرهن بها أصلاً حالهن ، وإذا بايعن معك على ترك الخصائل المذمومة { فَبَايِعْهُنَّ } أيضاً { وَٱسْتَغْفِرْ لَهُنَّ ٱللَّهَ } بما صدر منهم قبل البيعة { إِنَّ ٱللَّهَ } المطلع على ما في نياتهن من الإخلاص { غَفُورٌ } يغفرهن بعدما أخلصن { رَّحِيمٌ } [ الممتحنة : 12 ] يقبل توبتهن . ثمَّ لمَّا واصل بعض فقراء المسلمين اليهود ؛ ليصيبوا من ثمَّارهم لنزلت : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } مقتضى إيمانكم : ترك مواصلة اليهود ومصاحبتهم { لاَ تَتَوَلَّوْاْ قوْماً غَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمْ } يعني : عامة المشركين ؛ لأنهم { قَدْ يَئِسُواْ } وقنطوا { مِنَ ٱلآخِرَةِ } لذلك لم يؤمنوا بها وبما فيها من المواعيد والوعيدات الهائلة { كَمَا يَئِسَ ٱلْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ ٱلْقُبُورِ } [ الممتحنة : 13 ] يعني : مثل يأسهم من البعث والحشر أصحاب القبور ، وإخراجهم منها أحياء ، ووقوفهم بين يدي الله ، فعليكم ألاَّ تصاحبوا معهم إن كنتم مؤمنين مصدقين بها . جعلنا الله من المصدقين بيوم الدين ، وبعموم ما فيه من المؤمنين الموقنين . خاتمة السورة عليك أيها الموحد المحمدي - مكنك الله في مقر عز التوحيد واليقين ، وجنبك عن طريان التردد والتلوين - ألاَّ تصاحب أهل الغفلة وأصحاب الجهالات ، المنهمكين في بحار الأوهام والخيالات الموروثة لهم من متقضيات الإمكان المستلزم لأنواع الخذلان والهوان ، فلك أن تلازم زاوية الخمول بالعفاف قانعاً من الدنيا بالكفاف ، مجتنباً عن مخائل أصحاب الجزاف ، متوكلاً على الصمد المعين ، متوجهاً نحوه في كل تحريك وتسكين ، راضياً بما جرى عليك من القضاء ، مطمئناً بما وصل إليك من العطاء ، شاكراً لنعم الله في السراء والضراء ، مقتصداً بين الخوخف والرجاء ، مفوضاً عموم أمورك إلى المولى ، متعطشاً في جميع أحوالك إلى شرف اللقاء ، وما هي إلا جنة المأوى ، وسدرة المنتهى . رزقنا الله عموم عباده الوصول إليها ، والتحقق دونها بمنِّه وجوده .