Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 189-192)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وكيف لا يكون الغيب مما استأثر الله به ؛ إذ { هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ } أي : أوجدكم وأظهركم { مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ } هو أبونا آدم ، وكان جسداً لا علم له ، ثمَّ علمه من الأسماء ما تعلق إرادته به سبحانه بتعليمه إياه ، ولم يعلم حقائقها ولميتها ؛ إذ هي من المغيبات التي لم يُطلع أحداً عليها { وَ } بعدما أظهر { جَعَلَ مِنْهَا } أي : خلق من جنسها { زَوْجَهَا } حواء { لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا } ويؤنس معها { فَلَماَّ تَغَشَّاهَا } أوقعها بإلهام الله إياه { حَمَلَتْ } وحبلت { حَمْلاً خَفِيفاً } أي : أدركت حملاً خفيفاً في بطنها { فَمَرَّتْ بِهِ } أي : مضت عليها مدة فأدركت ثقلها ، وأخبرت زوجها بثقلها فألهم بأنه ولد { فَلَمَّآ أَثْقَلَتْ } إلى حيث اشتدت عليها حملها ، وظهرت عندها أمارة حياة ما في بطنها { دَّعَوَا ٱللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا } ولداً سالماً { صَالِحاً } لمؤانستنا { لَّنَكُونَنَّ مِنَ ٱلشَّاكِرِينَ } [ الأعراف : 189 ] لنعمه دائماً . { فَلَمَّآ آتَاهُمَا صَالِحاً } بعد صالح ، وطالحاً بعد طالح ، بطناً بعد بطن { جَعَلاَ } موضع الشكر { لَهُ شُرَكَآءَ } بإغواء الشيطان إياهما { فِيمَآ آتَاهُمَا } من الأولاد فسمياهم بعبد الحارث وعبد العزى ، وعبد المناة ، بتعليم الشيطان إياهما { فَتَعَالَى ٱللَّهُ } المنزه بذاته عن الشريك مطلقاً ، سيما { عَمَّا يُشْرِكُونَ } [ الأعراف : 190 ] هما وغيرهما من المشركين . ثمَّ لمَّا لم يكن شركهما عن قصد واختيار ، بل وسوسة الشيطان وإغوائه وبخ سبحانه عليهم ؛ لينزجروا ، وقال : { أَيُشْرِكُونَ } جمعه باعتبار أولاده معنا { مَا لاَ يَخْلُقُ } ويظهر { شَيْئاً } حقيلاً قليلاً ، بل { وَهُمْ } أي : الأصنام والشركات في أنفسهم { يُخْلَقُونَ } [ الأعراف : 191 ] مخلوقون كسائر المخلوقات . { وَ } كيف يشركون الأصنام معنا في الألوهية والربوبية ، مع أنهم { لاَ يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ } أي : لعبدتهم { نَصْراً } يدفع عنهم الأذى ؛ لكونهم جمادات { وَلآ أَنْفُسَهُمْ يَنصُرُونَ } [ الأعراف : 192 ] أي : لا يقدرون أن يصنروا أنفسهم بدفع ما يؤذيهم ، لكونهم جمادات ، وبكسرهم ، فكيف لغيرهم ؟ .