Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 75-79)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ثم لما سمعوا منه ما سمعوا { قَالَ ٱلْمَلأُ ٱلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُواْ } عن الإيمان والاتباع له { مِن قَوْمِهِ لِلَّذِينَ ٱسْتُضْعِفُواْ } غياهم واستذلهم { لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ } على سبيل التهكم والاستهزاء { أَتَعْلَمُونَ } يقيناً أيها الحمقى المصدقون له المؤمنون { أَنَّ صَالِحاً مُّرْسَلٌ مِّن رَّبِّهِ } الذي ادعى وحدته واستقلاله في الألوهية والربوبية { قَالُوۤاْ } أي : المؤمنون المخلصون من صفاء عقائدهم ونجاة طينتهم على سبيل التأكيد والمبالغة : { إِنَّا بِمَآ أُرْسِلَ } أي : بجميع ما أرسل { بِهِ } من عند ربه { مُؤْمِنُونَ } [ الأعراف : 75 ] مصدقون موقنون . { قَالَ } الملأ { ٱلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُوۤاْ } عناداً ومكابرة : { إِنَّا بِٱلَّذِيۤ آمَنتُمْ بِهِ } بمتابعة صالح { كَافِرُونَ } [ الأعراف : 76 ] منكرون مكذبون . ثم لما كفروا وكذبوا مصرين { فَعَقَرُواْ } أي : نحروا { ٱلنَّاقَةَ } التي هي آية الله عليهم ووديعة الله عندهم ، قد أوصاهم سبحانه ألاَّ تمسوها بسوء ، وهم قد هلكوها عناداً { وَعَتَوْاْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ } استكباراً { وَقَالُواْ } لنبيه ؛ بطراً واستهزاء : { يَاصَالِحُ } الكذاب المدعي { ٱئْتِنَا بِمَا تَعِدُنَآ } من العذاب { إِن كُنتَ } صدقت أنك { مِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ } [ الأعراف : 77 ] فلما فعلوا ما فعلوا وقالوا ما قالوا استحقوا ما وعدوا وأوعدوا . { فَأَخَذَتْهُمُ ٱلرَّجْفَةُ } الصيحة الهائلة { فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ } [ الأعراف : 78 ] أي : صار كل منهم جائماً جامداً إلى حيث لا يتحرك منهم أحد . روي أنهم كانوا في منازل عاد يعيشون فيها متنعمين مترفهين إلى أن كثرهم الله وعمرهم أعماراً طوالاً ، واقتضى طول أملهم أن نحتوا من الجبال بيوتاً يخزنون فيها أمتعتهم ويبنون قصوراً عاليات في السهول ؛ إذ كانوا في خصب وسعة ، فقروا على ما هم عليه وأفسدوا في الأرض بأنواع الفسادات ، وبالغوا في عبادة الأصنام ، فبعث الله إليهم صالحاً وهو من أشرافهم فدعاهم إلى الإيمان والتوحيد ، فسألوا منه آية فقال : آية آية تريدون ؟ قالوا : أخرج معنا إلى عيدنا ، فادع إلهك ندعو إلهنا فمن استجيب اتبع ، فخرج معهم فدعوا أصنامهم فلم يجابوا ، ثم اشار سيدهم جندع بن عمرو إلى صخرة منفردة يقال لها : الكائبة ، وقال لصالح : أخرج من هذه الصخرة ناقة جوفاء وبراء ، فإن خرجت صدقناك وآمنا بك . فأخذ صالح عليه السلام عنهم المواثيق إن أخرجت لتؤمنوا له ، فعهدوا ، فصلى ودعا ربه فمتخضمت الصخرة تمخص النتوج بولدها ، فانصدعت عنه ناقة عشراء جوفاء وبراء كما وصفوا وهم ينظرون ، ثم أنتجت ولداً مثلها في الكبر ، فآمن له جندع في جماعة ومنع الباقين دوار بن عمرو ، والخباب صاحب أوثانهم ، ورباب بن صمغر كاهنهم ، فمكثت الناقة مع ولدها ترعى الشجر وترد الماء غباً ، فما ترفع رأسها من البئر حتى تشرب كل ما فيها ، ثم تتفجج فيحلبون ما شاءوا حتى تمتلئ أوانيهم ويدخرون ، وكانت تصيف في ظهر الوادي فتهرب منها مواشيهم ، وتشتو في بطنه فتهرب أنعامهم إلى ظهره ، فشق ذلك عليهم فهموا بقتلها ، وزينت لهم قتلها أم غنم وصدقتها بنت المختار ، فعقروها واقتسموا لحمها . فرقى ولدها جبلاً اسمه قارة ، فرغا ثلاثاً ، فقال صال عليه السلام : أدركوا الفصيل عسى أن يرفع عنك العذاب ، فلم يقدروا عليه ، وانفتحت الصخرة بعد رغائه فدخلها . فقال صالح عليه السلام : تصبح وجوهكم غداً مصفرة وبعد غد محمرةً ، واليوم الثالث مسودة ، ثم يصحبكم العذاب ، فلما رأوا العلامات هموا أن يقتلوه ، فأنجاه الله تعالى إلى أرض فلسطين ، ولما كانت ضحوة اليوم الرابع وتكفنوا بالأنطاع ، فأتتهم صيحة من السماء فتقعطت قلوبهم ، فهلكوا { فَتَوَلَّىٰ } وأعرض صالح عليه السلام { عَنْهُمْ } بعدما ظهر عليهم أمارات عذاب الله وعلامات الانتقام { وَقَالَ } متحسراً متأسفاً حين تجانب عنهم : { يَٰقَوْمِ } المبالغين في الإعراض عن الحق { لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي } وبذلت جهدي في إهدائكم { وَنَصَحْتُ لَكُمْ } إشفاقاً عليكم حتى لا يلحقكم العذاب الموعود { وَلَكِن } أنتم قوم مستكبرون في أنفسكم ، مصرون معاندون { لاَّ تُحِبُّونَ ٱلنَّٰصِحِينَ } [ الأعراف : 79 ] فلحقكم ما أخاف عليكم بالإعراض عما أُمرتم به .