Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 8, Ayat: 15-18)
Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ثمَّ قال سبحانه : { يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ } مقتضى إيمانكم : إعلاء كلمة الحق وانتصار دينه ، فعلكيم { إِذَا لَقِيتُمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } أن تقاتلوا معهم ، وإن كانوا { زَحْفاً } متكثرين بأضعافكم { فَلاَ تُوَلُّوهُمُ ٱلأَدْبَارَ } [ الأنفال : 15 ] أي : لا ترجعوا منهم حين الالتقاء إلى أدباركم خالئفين منهزمين حال كونهم بأضعافكم ، فكيف إن كانوا مثلكم أو أقل منكم ؟ ! . { وَمَن يُوَلِّهِمْ } منكم { يَوْمَئِذٍ } إلى يوم ملاقاة العدو { دُبُرَهُ } أي : مدبراً خائفاً { إِلاَّ مُتَحَرِّفاً لِّقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً } أي : قاصداً بالاستدبار التحيز واللحوق { إِلَىٰ فِئَةٍ } ثابتة من المؤمنين ؛ ليستعين بهم { فَقَدْ بَآءَ } أي : رجع ولحق { بِغَضَبٍ } نازل { مِّنَ ٱللَّهِ } لمخالفة أمره وحكمه ، وحكمته { وَمَأْوَاهُ } في النشأة الأخرى { جَهَنَّمُ } العبد والخذلان { وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ } [ الأنفال : 16 ] مرجعه ومصيرهز وعليكم أيها المؤمنون ألاَّ تنسبوا القتل ، بل جميع ما صدر منكم إلى نفوسكم مفاخرة ومباهاة ، بل إن قتلتموهم صورةً { فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ } حقيقةً { وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ قَتَلَهُمْ } لأن جميع الأمور الكائنة في الآفاق صادرة من الله أولاً وبالذات ، ومن آثار أوصافه وأسمائه { وَ } بالجملة : { مَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ } أيها النبي المأمور برمي الحصا حين هجوم الأعداء على أصحابك { وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ رَمَىٰ } أي : أوجد سبحانه الرمي بيدك التي هي { يَدُ ٱللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ } [ الفتح : 10 ] ؛ لذلك ترتب على رميك انهزامهم الذي يستبعدونه أنتم وهؤلاء أيضاً . { وَ } إنما رماهم سبحانه بما رمى { لِيُبْلِيَ } ويجرب { ٱلْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاۤءً حَسَناً } أي : بنعمة الغنيمة والظفر ، هل يرجعون ويواظبون على شكر نعمه أم لا ؟ { إِنَّ ٱللَّهَ } المصلح لأحوال عباده { سَمِيعٌ } يسمع مناجاتهم الصادرة منهم على وجه الخلوص { عَلِيمٌ } [ الأنفال : 17 ] بحاجاتهم التي يحتاجون إليها في معاشهم ومعادهم . { ذٰلِكُمْ } أي : ابتلاء الله بالبلاء الحسن ، مختص بالمؤمنين { وَ } اعلموا أيها المؤمنون { أَنَّ ٱللَّهَ } المولي لأموركم { مُوهِنُ } مضعف ومبطل { كَيْدِ ٱلْكَافِرِينَ } [ الأنفال : 18 ] ومكرهم وحيلهم التي يقصدون بها إهلاككم وإذلالكم .