Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 9, Ayat: 56-59)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَ } من جملة نفاقهم : إنهم { يَحْلِفُونَ بِٱللَّهِ } بالحلف الكاذب { إِنَّهُمْ لَمِنكُمْ } أي : من جملتكم وزمرتكم يفرحون بفرحكم وسروركم ، ويتغممون بحزنكم ومصيبتكم { وَ } الحال أنهم { مَا هُم مِّنكُمْ } لكفرهم وشركهم المركوز في قلوبهم { وَلَـٰكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ } [ التوبة : 56 ] يخافون أن تفعلوا بهم فعلكم من المشركين ، فاضطربوا إلى المداهنة والنفاق فأظهروا الإسلام ؛ حفظاً لدمائهم وأموالهم ، وهم مضطرون على إظهار الإيمان ، ومن غاية تذللهم واضطرارهم . { لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَئاً } منيعاً من الحصون والقلاع { أَوْ مَغَارَاتٍ } في شعاب الجبال { أَوْ مُدَّخَلاً } جحراً يمكنه الإنجحار والاستتار فيه { لَّوَلَّوْاْ } وانصرفوا ألبتة { إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ } [ التوبة : 57 ] يسرعون ، كالفرس الجموح { وَمِنْهُمْ مَّن يَلْمِزُكَ } يعينك وينصرك { فِي ٱلصَّدَقَاتِ } أي : قسمة الغنائم ، ويتردد حولك حين القسمة طامعاً { فَإِنْ أُعْطُواْ مِنْهَا } بينهما أو شيئاً يعتد به { رَضُواْ } منك ، وأثنوا عليك شكراً لإعطائك { وَإِن لَّمْ يُعْطَوْاْ مِنهَا } لعدم استحقاقهم ؛ وبسبب تخلفهم ونفاقهم { إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ } [ التوبة : 58 ] يفاجئون بالغيظ والسخط إظهاراً لما في قلوبهم من الأكنة . { وَلَوْ أَنَّهُمْ } كانوا مؤمنين كما ادعوا { رَضُوْاْ } في تقاسيم الغنائم وغيرها على { مَآ آتَاهُمُ ٱللَّهُ } وأعطاهم من فضله ؛ إذ هو الحكيم في قسمة أرزاق عباده على تفاوت درجاتهم { وَرَسُولُهُ } المستخلف له ، الملهم من عنده { وَقَالُواْ } من كمال إخلاصهم وتفويضهم كسائر المؤمنين : { حَسْبُنَا ٱللَّهُ } المدبر الكافي لأمورنا يكفينا علمه بنا { سَيُؤْتِينَا ٱللَّهُ } المكفل لأرزاقنا { مِن فَضْلِهِ } وسعة لطفه وجوده ما يكيفنا { وَ } سيعطينا { وَرَسُولُهُ } النائب عنه بإذنه من الغنائم والصدقات ما يشبعنا ويغنينا { إِنَّآ } بعدما آمنا بالله ، وتحققنا بتوحيده بإرشاد رسله { إِلَى ٱللَّهِ } الباقي بالبقاء الأزلي السرمدي لا إلى غيره من الأظلال والأموال والمزخرفات الفانية { رَاغِبُونَ } [ التوبة : 59 ] ليرزقنا من فوائد رزقه المعنوي ، وفوائد توحيده الذاتي ؛ أي : هم لو رضوا كما رضي المؤمنون الموقنون ، واعترفوا كما اعترفوا لكان خيراً لهم وأشد تثبيتاً وتقريراً في قلوبهم .