Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 92, Ayat: 1-11)

Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

{ وَٱلْلَّيْلِ إِذَا يَغْشَىٰ } [ الليل : 1 ] أي : وحق الهوية الغيبية الإلهية المتمكنة في مكمن العماء ، المشغي لنقوش الكثرات المترتبة على الأسماء والصفات من شدة بريقها ولمعانها . { وَٱلنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّىٰ } [ الليل : 2 ] أي : وحق الهوية الشهادية الإلهية ، الظاهرة في عالم البروز والجلاء ، المظهرة لآثار الأسماء والصفات إظهاراً للحكمة البالغة التي هي ترتب الإيمان والعرفان على تلك الآثار . { وَمَا خَلَقَ ٱلذَّكَرَ وَٱلأُنثَىٰ } [ الليل : 3 ] أي : وحق القادر الحكيم الذي خلق وقدّر وصوّر برزخ الإنسان المصوَّر على صورة الرحمن ، الجامع لعموم مراتب الأكوان ؛ حيث ركبَّه وأودع فيه من الحصص اللاهوتية الغيبية والناسوتية الشهادية ، ثمَّ كُلِّف بالتكاليف الشاقة ؛ ليترقى من حضيض الناسوت إلى ذروة اللاهوت ؛ لذلك استخلفه واطصفاه وانتخبه من عموم مظاهره ؛ ليترتب على مرتبة هذه المصلحة العليّة والخصلة السنيّة ، وإنما خلقه زوجاً ؛ ليدوم في نشأة الشهادة وجود مرتبته التي هي الغاية القصوى لنشأة الشهادة . ثمَّ قال سبحانته جواباً للقسم ، مخاطباً على أفراد الإنسان ؛ تربية لهم وتنبيهاً على مفاسدهم ومصالحهم : { إِنَّ سَعْيَكُمْ } الذي سيعتم به أيها المكلفون في نشأة الاختبار { لَشَتَّىٰ } [ الليل : 4 ] مختلفة متفاوتة حسب تفاوت ما أودع الله فيكم من الحصص المذكورة . { فَأَمَّا مَنْ أَعْطَىٰ } مما ساق له الحق من الرزق الصوري والمعنوي ، مقارناً للخشوع والخضوع وخلوص النية والطوية وأنواع الطاعات والعبادات المأمورة له { وَٱتَّقَىٰ } [ الليل : 5 ] عن مطلق المحارم والمنهيات التي وردت الزواجر الإلهية فيها . { وَصَدَّقَ بِٱلْحُسْنَىٰ } [ الليل : 6 ] أي : صدّق بعموم مقتضيات الأسماء الإلهية وبآثار صفاتها العليا التي لا تُعدّ ولا تُحصى . { فَسَنُيَسِّرُهُ } أي : نُعدُّه ونوفِّقه { لِلْيُسْرَىٰ } [ الليل : 7 ] للطريق السهلة الموصلة إلى مقصد التوحيد ، والمعرفة المنجية عن غياهب الشكوك وظلمَّات الأوهام . { وَأَمَّا مَن بَخِلَ } ولم ينفق على مقتضى ما أمره الحق { وَٱسْتَغْنَىٰ } [ الليل : 8 ] عن مقتضيات الأسماء { وَكَذَّبَ بِٱلْحُسْنَىٰ } [ الليل : 9 ] . { فَسَنُيَسِّرُهُ } ونستعده { لِلْعُسْرَىٰ } [ الليل : 10 ] أي : للطريق العَسِرة الوعرة ، التي هي طريق الكفر والمعصية المؤدية إلى أودية الشهوات الإمكانية ، المستلزمة للدركات النيرانية . { وَ } بعدما نأخذه في النشأة الأخرى بسبب بخله وكفره { مَا يُغْنِي } يكف ويدفع { عَنْهُ مَالُهُ } شيئاً من غضب الله { إِذَا تَرَدَّىٰ } [ الليل : 11 ] أي : هوى وهلك في قعر جهنم الإمكان وسعير النيران .