Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 93, Ayat: 6-11)
Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وبعدما سمعت يا أكمل الرسل من الوعد الإلهي ما سمعت تذكر كرم ربك منك فيما مضى ، وترقب من كراماته التي ستأتيك ، وبالجملة : لا تيأس من روح الله ورحمته ، وكيف تيأس أيها النبي المغمور في بحار لطفه وجوده ؟ ! { أَلَمْ يَجِدْكَ } ويصادفك ربك مع كونك { يَتِيماً } بلا رشد ومرشد { فَآوَىٰ } [ الضحى : 6 ] أي : ضمَّك نحوه سبحانه وجذبك عنك إليه ، وقرن اسمك باسمه . { وَوَجَدَكَ ضَآلاًّ } خالياً عن الحِكم والأحكام ، منهمكاً في لوازم الإمكان { فَهَدَىٰ } [ الضحى : 7 ] أي : هداك وأرشدك إلى الإسلام ، وأوصلك إلى زلال التوحيد والعرفان . { وَوَجَدَكَ عَآئِلاً } فقيراً حسب إمكانك ومقتضيات بشريتك الموروثة لك من نشأة ناسوتك { فَأَغْنَىٰ } [ الضحى : 8 ] أي : أغناك بغنائه بعدما أفناك فيه ، وشرَّفك بخلع اللاهوت بعدما أخرجك عن ملابس الناسوت . وبعدما كننت يتيماً فآواك ربك ، ووجدك ضالاً فهداك ، ووجدك فقيراً فأغناك ، وبالجملة : كرَّمك واصطفاك وعظَّمك واجتباك { فَأَمَّا ٱلْيَتِيمَ } الفاقد للرشد والرشيد { فَلاَ تَقْهَرْ } [ الضحى : 9 ] متى يأوي إليك للارسترشاد لا تردعه ولا تزجره ، وكلِّم معه حسب استعداده وقابليته إلى حيث توصله وترشده إلى طريق الطلب والإرادة . { وَأَمَّا ٱلسَّآئِلَ } الذي يسأل من مكنونات ضميرك ومن السرائر المودعة فيك من الودائع اللاهوتية { فَلاَ تَنْهَرْ } [ الضحى : 10 ] أي : لا تمنعه ولا تخيِّبه ، بل أحسن إليه كما أحسن الله إليك حسب استفاضته واستعداده . { وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ } وهدايته وإرشاده { فَحَدِّثْ } [ الضحى : 11 ] يا أكمل الرسل مع المسترشدين المستكملين ، فإن حديثك من سرائر الدين وأسرار المعرفة واليقين مع المؤمنين المسترشدين والطالبين ، المستوجبين الشكر منك لنعم الله وأداء لحقوق كرمه واستجلاب لمزيد إنعامه وإفضاله . خاتمة السورة عليك أيها المحمدي المزم لتعديد نعم الحق على نفسك أن تداوم وتواظب على أداء حقوقه ما وصل إليك من النعم العظام والكرم الجسام ، فلك أن تحدث في عموم أوقاتك وحالاتك عن كرم مولاك ، وتشكره على ما أولاك من الاَلاء والنعماء في أُولاك ووعد لك في أخراك . وبالجملة : كن من الشاكرين لنِعَم الله ، المحدِّثين بحقوق كرمه ، ولا تكن من الغافلين في حال من الأحوال ، وسبَّح بحمد ربك بالغدو والآصال .