Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 97, Ayat: 1-5)
Tafsir: Tafsīr al-Ǧīlānī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ إِنَّا } من مقام عظيم لطفنا وجودنا لعموم عبادنا { أَنزَلْنَاهُ } أي : القرآن المبيِّن لهم طريق النجاة من نيران الجهالات { فِي لَيْلَةِ ٱلْقَدْرِ } [ القدر : 1 ] الغيبي التي لا إطلاع لأحد عليها إلاَّ لعلام الغيوب . لذلك أبهم سبحانه على حبيبه صلى الله عليه وسلم ، فقال : { وَمَآ أَدْرَاكَ } أي : أيّ شيء أعلمك من مقتضيات بشريتك ولوازم ناستوك { مَا لَيْلَةُ ٱلْقَدْرِ } [ القدر : 2 ] إذ هي خارجة عن مدارك عالم الناسوت . ثمَّ بيَّنها سبحانه على مقتضى أفهام البشر ومداركهم ، فقال : { لَيْلَةُ ٱلْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ } [ القدر : 3 ] من أيام عالم الشهادة ولياليها ؛ إذ { تَنَزَّلُ ٱلْمَلاَئِكَةُ } أي : سكان سواد الأعظم اللاهوتي { وَٱلرُّوحُ } الأمين ، المدبِّر لأمور أشباح عالم الناسوت { فِيهَا } أي : من تلك الليلة ، ونزولهم فيها إنما هو { بِإِذْنِ رَبِّهِم } يأمرهم بالنزول فيها ، ومع كل منهم { مِّن كُلِّ أَمْرٍ } [ القدر : 4 ] من الأمور الجارية في عالم الشهاة . { سَلاَمٌ } وتسليم من قِبل الحق يسلم لهم سبحانه ، ويفوض إليهم أمرهم على مقتضى حكمته المتقنة ؛ ليقوم كل منهم به ، ويحسن تدبيره على الوجه الذي أمر به ، وبالجملة : { هِيَ } أي : حالهم وشأنهم هذا وهكذا { حَتَّىٰ مَطْلَعِ ٱلْفَجْرِ } [ القدر : 5 ] أي : إلى طلوع شمس الذاتية الإلهية ، المفنية بأشعتها الذاتية عموم أضواء الأظلال والعكوس مطلقاً . كأن ليلة القدر التي سُترت في خلال ليالي السنة ، أو في ليالي شهر رمضان ، أو في ليالي العشر الأخير منها - على ما قيل - هي منتخبة ممثلة من تلك الليلة القدرية ، الغيبية العمائية ، اللاهوتية ؛ لذلك ما عينها الشارع وما عرفها ، بل أبهمها وأخفاها . قيل : في تلك الليلة يقدَّر عموماً أحوال تلك السنة ، وجميع ما يجرى فيها من الحوادث الكائنة ، كما أن في أصلها ومنشئها التي هي ليلة القدر الغيبي ، متى يقدَّر عموم المقادير الكائنة أزلاً وأبداً ؛ لذلك من أحياها ، فقد فاز بخيري الدارين . رزقنا الله وجدها والوصول إليها والتحقق دونها . خاتمة السورة عليك أيها العازم القاصد لإحياء تلك الليلة وإدراكها أن تشمر ذيلك لإحياء عموم الليالي الآتية عليك في أيام حياتك ؛ إذ هي مستترة فيها ، وبالجملة : لا تغفل عن الله في جميع حالاتك حتى تكون عموم لياليك قدراً خيراً من الدنيا وما فيها .