Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 109, Ayat: 1-6)
Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : ( نزلت لما قال رهط من المشركين ) إلخ ، حاصله كما قال ابن عباس : أن سبب نزولها ، أن الوليد بن المغيرة والعاص بن وائل والأسود بن المطلب وأمية بن خلف لقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : يا محمد هلم فلعتبد ما نعبد ، ونعبد ما تعبد ، ونشترك نحن وأنت في أمرنا كله ، فإن كان الذي جئت به خيراً مما بأيدينا ، كنا قد أشركناك فيه ، وأخذنا بحظنا منه ، وإن كان بأيدينا خيراً مما بيدك ، كنت قد أشركتنا في أمرنا ، وأخذت بحظك منه ، فأنزل الله عز وجل { قُلْ يٰأَيُّهَا ٱلْكَافِرُونَ } إلى آخرها ، والرهط بسكون الهاء أفصح من فتحها ، جمع لا واحد له من لفظه ، يقال على ما دون العشرة من الرجال ، وقيل : ما فوق العشرة إلى الأربعين . قوله : { ٱلْكَافِرُونَ } هم جماعة من الكفار مخصوصون ، علم الله تعالى عدم إيمانهم أصلاً . قوله : { لاَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ } اعلم أنه اختلف المفسرون في هذه السورة ، هل فيها تكرار أو لا ؟ فعلى الأول : هو للتأكيد ، وفائدة قطع أطماع الكفار ، وتحقيق إخبار بأنهم لا يسلمون أبداً . وعلى الثاني : فكل جملة مقيدة بزمن غير الزمن الذي قيدت به الأخرى . فدرج المفسر على أن النفي الأول محمول على الحال ، والثاني على الاستقبال ، ودرج غيره على العكس ، وما يصح أن يكون موصولة بمعنى الذي ، فإن كان المراد بها الأصنام كما في الأولى والثالثة فالأمر واضح ، لأنهم غير عقلاء وما لغير العاقل ، وأما الثانية والرابعة فإما أن تكون واقعة على الله تعالى ، وتكون دليلاً لمن يجوز وقوعها على العالم ، أو تجعل مصدرية والتقدير : ولا أنتم عابدون عبادتي ، أي مثل عبادتي ، ويصح أن يكون جميعها مصدرية أو موصولة ، أو الأوليان موصولتان ، والأخريان مصدريتان ، فتحصل أن ما في هذه السورة فيها أربعة أقوال ، الأول ، أنها كلها بمعنى الذي . الثاني : أنها كلها مصدرية . الثالث : أن الأوليين بمعنى الذي ، والآخريين مصدريتان . الرابع : أن الأول والثالثة بمعنى الذي ، والثالثة والرابعة مصدرية . إن قلت : ما الحكمة في التعبير في جانبه صلى الله عليه وسلم بلفظ { أَعْبُدُ } وفي جانبهم بلفظ { عَبَدتُّمْ } ؟ أجيب : بأنه صلى الله عليه وسلم وإن كان يعبد الله تعالى قبل البعثة ، إلا أنه لم يدع الناس إلا بعدها ، فلم يشتهر بها إلا حين الدعوة ، وأما هم فكانوا متلبسين قديماً بعبادة الأصنام متظاهرين بها . قوله : ( علم الله منهم أنهم لا يؤمنون ) جواب عن سؤال مقدر حاصله : كيف يقنطهم من الإيمان ، مع أنه مبعوث لهدايتهم ، وقد كان حريصاً على إيمانهم . وحاصل الجواب : أن هذا في قوم علم الله أنهم لا يؤمنون أبداً ، فأخبر نبيه بذلك لتظهر شقاوتهم . قوله : ( وإطلاق ما على الله ) أي في الثالثة والرابعة ، وأما في الأولى والثالثة فهي واقعة على الأصنام . قوله : ( على وجه المقابلة ) أي المشاكلة ، وهذا مبني على القول بأنه لا يجوز وقوع ما على العالم ، وأما على مذهب من يجوز ذلك ، فلا يحتاج للاعتذار بالمقابلة ، وكان المناسب للمفسر أن يقول : وإطلاق ما على العالم فصيح وحسنه المشاكلة . قوله : { لَكُمْ دِينُكُمْ } الخ ، أتى بهاتين الجملتين المثبتتين بعد جمل منفية ، لأنه لما كان الأهم تباعده عليه السلام دين دينهم ، بدأ بالنفي سابقاً ، فلما تحقق النفي رجع إلى خطابهم مهادنة لهم ، فهاتان الجملتان مؤكدتان لمجموع الجمل الأربع . قوله : { وَلِيَ دِينِ } بفتح الياء من { لِيَ } وإسكانها سبعيتان . قوله : ( وهذا قبل أن يؤمر بالحرب ) الإشارة راجعة إلى الآية الأخيرة ، وقيل : إلى جميع السورة ، وهذا مبني على أن المراد بالدين العبادة والتدين ، وقيل : أن المراد بالدين الجزاء ، أي لكم جزاء أعمالكم ، ولي جزاء أعمالي ، وعليه فلا نسخ ، قوله : ( وقفاً ووصلاً ) أي لأنها من ياءات الزوائد ، فيراعى فيه رسم المصحف ، وهي غير ثابتة فيه اكتفاء بالكسر . قوله : ( وأثبتها يعقوب ) أي وهو من العشرة .