Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 112, Ayat: 1-4)

Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : ( فالله خبر هو ) إلخ ، هذا مبني على أن الضمير { هُوَ } عائد على المسؤول عنه في كلام الكفار ، وقيل : إنه ضمير الشأن يفسره الجملة بعده فـ { ٱللَّهُ } مبتدأ و { أَحَدٌ } خبره ، والجملة خبر { هُوَ } وهمزة { أَحَدٌ } بدل من واو ، لأنه من الوحدة ، أو ليست مبدلة من شيء قولان ، وإثبات لفظ { قُلْ } مع تنوين { أَحَدٌ } هو قراءة العامة ، وقرئ شذوذاً بحذف { قُلْ } وقرئ أيضاً : قل هو الله أحد ، وقرئ أيضاً بحذف التنوين لالتقاء الساكنين ، واعلم أن هذه الآية يأخذ منها عقائد التوحيد ، وذلك لأن الله تعالى علم على الذات الواجب الوجود المستحق لجميع المحامد ، ومن كان وجوده واجباً ، لزم اتصافه بسائر الكمالات ، كالقدرة والإدارة والعلم والحياة ، وقوله : { أَحَدٌ } يدل على الصفات السلبية وهي : القدم والبقاء والغنى المطلق والتنزه عن الشبيه والنظير والمثيل في الذات والصفات والأفعال ، وبذلك انتفت الكموم الخمسة وهي : لكم المتصل والمنفصل في الذات والصفات والمنفصل في الأفعال ، فالمتصل في الذات والصفات هو التركيب ، والمنفصل فيهما هو الشبيه والنظير ، والمنفصل في الأفعال هو الشبيه فيها ، وكل هذه منفية ومستحيلة عليه تعالى ، وأما المتصل في الأفعال فهو ثابت ، ولأن أفعال الله متعددة لا نهاية لها ، بقي شيء آخر وهو أن { أَحَدٌ } يستعمل في النفي ، وأما واحد فيستعمل في الإثبات ، فلم ذكره في الإثبات ؟ أجيب : بأن ذلك أغلبيّ ، وقد يستعمل كل في كل ، والقرآن وارد بذلك في غيره آية ، وآثر الأحد على الواحد لمراعاة الفواصل . قوله : ( وأحد بدل ) أي بدل نكرة من معرفة وهو جائز . قوله : { ٱللَّهُ ٱلصَّمَدُ } نتيجة ما قبله ، ولذا ترك العاطف ، وذلك لأنه حيث ثبت أنه متصف بالكمالات منزه عن النقائض ، فلا يقصد غيره ، ولا يعول إلا عليه . قوله : ( أي المقصود في الحوائج ) هذا أحد أقوال في معنى { ٱلصَّمَدُ } وهو المشهور ، وقيل : هو الذي لا جوف له ، وقيل : هو الدائم الباقي بعد فناء خلقه ، وقيل : هو الذي ليس فوقه أحد ، وقيل : غير ذلك ، وإنما عرف { ٱلصَّمَدُ } لعلمهم به ومعرفتهم إياه ، بخلاف أحديته ، وكرر لفظ { ٱللَّهُ } إشعاراً بأن من لم يتصف به لا يستحق الألوهية . قوله : { لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ } رد على مشركي العرب القائلين : الملائكة بنات الله ، واليهود القائلين : عزير ابن الله ، والنصارى القائلين : المسيح بان الله ، وهذه الجملة نتيجة ما قبلها ، لأنه حيث ثبت أنه متصف بالكمالات ، منزه عن النقائص ، مقصود في جميع الأمور ، فلم يكن علة في غيره ، ولا غيره علة فيه ، وأتى بالعاطف في الجملتين الأخيرتين دون ما عداهما ، لأنهما سيقتا لمعنى وهو نفي المماثلة عنه تعالى بوجوهها ، لأن المماثلة إما ولد أو والد أو نظير ، فلتغاير الأقسام أتى بالعطف لأنه يقتضي المغايرة ، وترك العاطف في { لَمْ يَلِدْ } لأنه مؤكد للصمدية ، لأن الغني عن كل شيء ، المحتاج إليه كل ما سواه ، لا يكون والداً ولا مولوداً ، فهذه الجمل الثلاث في معنى جملة واحدة . قوله : ( لانتفاء مجانسته ) أي لغيره ، لأن الولد من جنس أبيه ، والله لا يجانسه أحد ، لأنه واجب وغيره ممكن ، ولأن الولد يطلب إما لإعانة والده ، أو لتخلفه بعده ، والله تعالى غني عن كل شيء ولا يفنى . قوله : ( لانتفاء الحدوث عنه ) أي لأن كل مولود جسم ومحدث ، والله تعالى ليس كذلك . قوله : ( ومماثلاً ) عطف تفسير ، واعلم أن الكفر يعم الشبيه والنظير والمثيل ، فالمثيل هو المشارك لك في جميع صفاتك ، والشبيه هو المشارك في غالبها ، والنظير هو الماشرك في أقلها ، والله تعالى منزه عن ذلك كله . قوله : ( وقدم عليه ) أي وكان الأصل أن يؤخر الظرف ، لكن قدم لأهميته اعتناء بنفي المكافأة عنه تعالى لأن المقصود . قوله : ( لأنه محط القصد بالنفي ) أي فالقصد نفي المكافأة عن ذات الله ، فكأن تقديمه أولى ، وهذه السورة الشريفة ، نفت أصول الكفر الثمانية : التركيب والعدد والنقص بمعنى الاحتياج والقلة بمعنى البساطة والعلة والمعلول والشبيه والنظير ، أما الكثرة والعدد فانتفاؤهما بقوله تعالى : { قُلْ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ } والنقص والقلة بقوله : { ٱللَّهُ ٱلصَّمَدُ } والعلة والمعلول بقوله { لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ } والشبيه والنظير بقوله : { وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ } .