Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 12, Ayat: 54-54)
Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { وَقَالَ ٱلْمَلِكُ } أي وهو الريان بن الوليد ، وذلك أنه لما ظهر له في يوسف من المزايا التي لم توجد في غيره قال ما ذكر . قوله : ( فجاءه الرسول ) إلخ ، قدر المفسر هذه الجمل وهي ثمانية ، إشارة إلى أن قوله تعالى : { فَلَمَّا كَلَّمَهُ } مرتب على محذوف . قوله : ( ودعا لهم ) أي بقوله : اللهم عطف عليهم قلوب الأخيار ، ولا تعم عليهم الأخبار . قوله : ( ثم اغتسل ) أي فلما خرج من السجن كتب على بابه ، هذا بيت البلوغ ، وقبر الأحياء ، وشماتة الأعداء ، وتجربة الأصدقاء . قوله : ( ولبس ثياباً حساناً ) يؤخذ من هذا ، أن مما ينبغي عند الدخول على السلاطين ، الطهارة وتحسين الهيئة ، وهذه الثياب يحتمل أنها كانت عنده ، أو أرسلها له الملك . قوله : ( ودخل عليه ) ورد أنه لما دخل سلم عليه بالعربية ، فقال الملك : ما هذا اللسان ؟ قال : لسان عمي إسماعيل ، ثم دعا له بالعبرانية فقال له : ما هذا اللسان أيضاً ؟ فقال : هذا لسان آبائي ، وكان الملك يتكلم بسبعين لساناً ، ولم يعرف هذين اللسانين ، وكان كلما تكلم بلسان أجبه يوسف به ، فتعجب الملك من أمره مع صغر سنه ، لأنه كان إذ ذاك ابن ثلاثين سنة ، ثلاثة عشرة منها مدة إقامته مع زليخا والسجن ، وسبع عشرة قبلها ، وعلى هذا فدعواه لعبادة الله في السجن ، إما نبوة قبل الأربعين ، أو نصيحة منه لدين آبائه ، على عادة العلماء وتأسيساً لنبوته . قوله : { مَكِينٌ أَمِينٌ } أي قريب المنزلة رفيع الرتبة مؤتمن على سرنا . قوله : ( قال فماذا ترى أن نفعل ) إلخ ، روي أن الملك قال ليوسف عليه السلام : أحب أن اسمع تأويل رؤياي منك شفاها قال نعم أيها الملك ، رأيت سبع بقرات سمان شهب حسان غير عجاف ، كشف لك عنهن النيل فطلعن من شاطئه تشخب أخلافهن لبناً ، فبينا أنت تنظر إليهن وقد أعجبك منهن حسنهن ، إذ نضب النيل فغار ماؤه وبدا يبسه ، فخرج من حمئه سبع بقرات عجاف شعث غير ملصقات البطون ، ليس لهن ضرع ولا أخلاف ، ولهن أنياب وأضراس ، وأكف كأكف الكلاب ، وخراطيم كخراطيم السباع ، فاختلطن بالسمان فافترسن السمان افتراس السبع ، فأكلن لحومهن ومزقن جلودهن وحطمن عظامهن ومشمشن مخهن ، فبينا أنت تنظر وتتعجب ، كيف غلبنهنَّ وهن مهازيل ، ثم لم يظهر فيهن سمن ولا زيادة بعد أكلهن ، وإذا سبع سنبلات خضر ، وسبع سنبلات أخر سود يابسات في منبت واحد ، عروقهن في الثرى والماء ، فبينا أنت تقول في نفسك : أي شيء هذا ، هؤلاء خضر مثمرات ، وهؤلاء سود يابسات ، والمنبت واحد ، أصولهن في الثرى والماء ؟ إذ هبت ريح ، فردت أوراق اليابسات السود على الخضر المثمرات ، فاشتعلت فيهن النار فاحترقن فصرن سوداً ، فهذا ما رأيت أيها الملك ، ثم انتبهت مذعوراً ، فقال الملك : والله ما أخطأت فيها شيئاً ، فما شأن هذه الرؤيا ؟ وإن كانت عجباً فما هي بأعجب مما سمعت منك ، وما ترى من تأويل رؤياي أيها الصديق ؟ قال يوسف عليه السلام : أرى أن تجمع الطعام ، وتزرع زرعاً كثيراً في هذه السنين المخصبة ، وتجعل ما يتحصل من ذلك الطعام في الخزائن بقصبه وسنبله فإنه أبقى له ، فيكون ذلك القصب والسنبل علفاً للدواب ، وتأمر الناس أن يدفعوا الخمس من زرعهم أيضاً ، فيكفيك ذلك الطعام الذي جمعته لأهل مصر ومن حولها ، ويأتيك الخلق من سائر النواحي للميرة ، ويجتمع عندك من الكنوز والأموال ، ما لم يجتمع لأحد من قبلك ، فقال الملك : ومن لي بهذا ؟ ومن يجمعه لي ويبيعه لي ؟ ولو جمعت أهل مصر ما أطاقوا ذلك ، ولم يكونوا فيه أمناء ، فقال يوسف عند ذلك { ٱجْعَلْنِي } [ يوسف : 55 ] إلخ .