Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 14, Ayat: 48-52)

Tafsir: Ḥāšīyat aṣ-Ṣāwī ʿalā tafsīr al-Ǧalālayn

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { يَوْمَ تُبَدَّلُ ٱلأَرْضُ غَيْرَ ٱلأَرْضِ وَٱلسَّمَٰوَٰتُ } اختلف المفسرون في هذا التبديل ، فقيل : المراد تبدل صفاتهما فتسوى الجبال ، وتقلع الأشجار ، وتنشق الأنهار ، وتذهب الكواكب من السماوات وتكسف شمسها ويخسف قمرها ، وقيل : تبدل ذاتهما ، فتبدل الأرض بأرض نقية بيضاء كالفضة لم يسفك عليها دم ، وتبدل السماوات بسماء من ذهب ، وعلى هذا القول ، فالخلائق يكونون قيل : على الصراط وما زاد منهم يكون على متن جهنم ، وقيل يكون في ظلمة قبل المحشر ، وقيل على أكف ملائكة سماء الدنيا ، وجمع بين القولين بأن تبديل الصفات ، يكون أولاً قبل نفخة الصعق ، وتبديل الذات يكون بعد النفخة الثانية . قوله : ( فيحشر الناس على أرض بيضاء نقية ) أي ويؤيد ذلك ما روي عن ابن عباس والضحاك ، أن الخلائق إذا جمعوا في صعيد واحد ، الأولين والآخرين ، أمر الجليل جل جلاله ، بملائكة سماء الدنيا أن يتولوهم ، فيأخذ كل واحد منهم إنساناً وشخصاً المبعوثين ، إنساً وجناً ، ووحشاً وطيراً ، وحولوهم إلى الأرض التي تبدل ، وهي أرض بيضاء من فضة نورانية ، وصارت الملائكة من وراء الخلق حلقة واحدة ، فإذا هم أكثر من أهل الأرض بعشر مرات ، ثم إن الله يأمر بملائكة السماء الثانية ، فيحدقون بهم حلقة واحدة ، وإذا هم مثلهم عشرين مرة ، ثم تنزل ملائكة السماء الثالثة ، فيحدقون من وراء الكل بهم حلقة واحدة ، فإذا هم مثل ثلاثين ضعفاً ، ثم تنزل ملائكة السماء الرابعة ، فيحدقون من وراء الكل حلقة واحدة ، فيكونون أكثر منهم بأربعين ضعفاً ، ثم تنزل ملائكة السماء الخامسة ، فيحدقون من ورائهم حلقة واحدة ، فيكونون مثلهم خمسين مرة ، ثم تنزل ملائكة السماء السادسة ، فيحدقون من وراء الكل حلقة واحدة ، وهم مثلهم ستين مرة ، ثم تنزل ملائكة السماء السابعة ، فيحدقون من وراء الكل حلقة واحدة ، وهم مثلهم سبعين مرة ، والخلق تتداخل وتندمج ، حتى يعلو القدم ألف قدم لشدة الزحام ، ويخوض الناس في العرق على أنواع مختلفة إلى الأذقان ، وإلى الصدر ، وإلى الحقوين ، وإلى الركبتين ، ومنهم يصيبه الرشح اليسير ، كالقاعد في الحمام ، ومنهم من يصيبه البلة ، كالعاطش إذا شرب الماء ، وكيف لا يكون القلق والعرق والأرق ، وقد قربت الشمس من رؤوسهم ، حتى لو مد أحد يده لنالها ، وتضاعف حرها سبعين مرة ، وقال بعض السلف : لو طلعت الشمس على الأرض كهيئتها يوم القيامة ، لاحترقت الأرض وذاب الصخر ، ونشفت الأنهار . قوله : { وَبَرَزُواْ } عطف على تبدل ، فهو بمعنى المضارع ، أي يوم تبدل الأرض وتبرز الخلائق . قوله : { وَتَرَى } معطوف على تبدل أيضاً . قوله : ( مشدودين مع شياطينهم ) أي فتجمع أيديهم وأرجلهم في أعناقهم ، ويشد كل واحد مع شيطانه الذي كان معه في الدنيا . قوله : { فِي ٱلأَصْفَادِ } جمع صفد بفتحتين وهو القيد . قوله : ( والأغلال ) جمع غل بالضم ، وهو طوق من حديد . قوله : { سَرَابِيلُهُم مِّن قَطِرَانٍ } أي جلودهم تطلى بالقطران ، حتى يكون الطلاء كالقميص . قوله : { وَتَغْشَىٰ وُجُوهَهُمُ } أي وقلوبهم . قوله : ( متعلق ببرزوا ) أي وما بينهما اعتراض . قوله : ( في نصف نهار ) أي وكل واحد يرى أنه يحاسب وحده . قوله : { هَـٰذَا بَلاَغٌ لِّلنَّاسِ } في هذه الآية من المحسنات البديعية ، رد العجز على الصدر ، فقد افتتحت هذه السورة بقوله { كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ ٱلنَّاسَ مِنَ ٱلظُّلُمَاتِ إِلَى ٱلنُّورِ } [ إبراهيم : 1 ] . قوله : ( لتبليغهم ) أي توصيلهم إلى ما فيه صلاحهم ورشدهم .